قد صرح رئيس الاركان الجيش الإسرائيلي أشكينازي،( أن لبنان قد يشهد توترا في ايلول نتيجة القرارات الصادرة عن المحكمة الدولية الخاصة في لبنان) وهذه التنبؤات الاسرائيلية تأتي بعد تسريبات صحيفة ديرشبيغل الالمانية، التي اكدت على ان القرار الظني للمحكمة الدولية سيتهم حزب الله بإغتيال الحريري، وترافق ذلك مع تصريح البطريرك صفير قائلا،(ما يسمى حزب الله) ومن ثم تعميم خطابه بان ولاء الشيعة في لبنان لإيران، سالبا منهم انتمائهم الوطني مما يعني أن الاعتداء عليهم ليس اعتداء على شريحة لبنانية، طالما انهم لا ينتمون الى الكيان اللبناني،وتزامنت تصريحاته وعدم مبادرته للتعزية بالسيد محمد حسين فضل الله ، مع تحركات لبعض القوى السياسية التي تحاول تبرئة إسرائيل من خروقاتها او تجسسها كما يحصل مع إكتشاف( عميل الإتصالات) وا تبادر الى حمايته بالتصريحات ومحاولة التخفيف من اضراره او عمالته ،كما قال احدهم ( جعلوا من الحبة قبة )وهذا اعتراف بالحبة من العمالة ومن ثم تبدا تحليلاتهم واستنتجاتهم بان القاء القبض على اي عميل او شبكة تجسس هي محاولة لقطع الطريق امام المحكمة الدولية.
واذا ما تحركت اليونيفيل لتخرق القرار 1701 وتقوم بمناوراتها في حال اطلقت الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه فلسطين المحتلة، بينما ان الهدف الرئيسي و المهمة الرئيسية لهذه القوات الدولية هي حماية المدنيين اللبنانيين من الاعتداءات الاسرائيلية ومن الخروقات اليومية ومعنى مهمتها إقامة منطقة عازلة في جنوب لبنان او منطقة تكون امرتها الامنية لصالح العدو الاسرائيلي وكأن المطلوب ان تحشر المقاومة والقوى الممانعة والرافضة في لبنان تحت سندان القوات الدولية ومطرقة المحكمة الدولية المسيسة ، هذه المحكمة التي أنشأت بهدف واحد هو جلاء الحقيقة باغتيال الرئيس رفيق الحريري ولكن البعض يحاول جذبها باتجاه ان تكون الاداة لما عجزت عنه الالة العسكرية الاسرائيلية والحصار الاميركي .
ان الاوضاع الاقليمية في المنطقة سواء بالحصار والعقوبات الاميركية والدوليةعلى ايران بحجة ملفها النووي –السلمي، وهذا الادعاء الفاقد شرعيته القانونية و مبرراته الانسانية ، خاصة بعد الوساطة التركية والبرازيلية ذات الموافقة والرضى الضمني الاميركي ،وبعد الاحداث التي عصفت بالعلاقات التركية الاسرائيلية على وقع احداث اسطول الحرية وتوتر العلاقات التركية الاسرائيلية مما استدعى قيام اسرائيل كعادتها بضرب من لا ترى فيه حليفا في لحظة ما او في مكان ما ،وهذا ما يبدو بمساعدتها او تحريكها بعض الخلايا النائمة في تركيا سواء بعنوان حزب العمال الكردستاني او ببعض الخلايا المخابراتية التي تقوم بهذه المهمة ولكن باسماء وعناوين اخرى.
ان المنطقة تعيش هاجس اعادة( البناء السياسي الشامل) على ابواب الانسحاب الاميركي والهزيمة الاميركية في العراق وافغانستان، وعندما نقول الهزيمة لا يعني ذلك ان قوى المقاومة قد اجتاحت القوات الاميركية وهزمتها، وانما الهزيمة الحقيقية هي فشل هذه القوات وادارتها السياسية في فرض وقائع ميدانية وسياسية ، والتي تم اعاقتها وافشالها على مدار العقد الماضي والذي لا يبدو ان في الافق ملامح انتصار اكيد لها، على جبهتي افغانستان والعراق، وعلى الجبهة السياسية مقدمتها في لبنان وسوريا و ايران ،مما يجعل هذه المنطقة في حالة اللا قرار و اللا استقرار وتعيش ارهاصات تدهور الأوضاع في اي لحظة تشعر فيه بعض القوى بالمازق الذي لا بد من الفرار منه بواسطة الحرب المتنقلة، والتي ستكون شاملة في اكثر من منطقة نتيجة ترابط الملفات وترابط هذه القوى والاصطفافات الاقليمية، سواء الاصطفاف المسمى محور الممانعة و المقاومة او اصطفاف محور الشر المتمثل باميركا واسرائيل ومن معهما من قوى حليفةن لها مسميات ملطفة او خبيثة .
إن هذه الاصطفافات السياسية والعسكرية مؤهلة للتصادم بعد انتظار دام اكثر من اربع سنوات، والذي يمكن ان تشعله قرارات مفبركة من المحكمة الدولية تحت ضغط اميركي يجافي الحقيقة والا كيف يمكن ان يتنبأ رئيس الاركان الاسرائيلي، وكأنه هو القاضي الذي يبرم الاحكام في المحكمة الدولية، او انه شريك في صياغة القرارات التي ستصدر ،شانه في ذلك شأن شهود الزور في صحيفة ديرشبيغيل الالمانية او السياسة الكويتية ،حتى صار التقرير الصحفي او الاعلامي لاي جريدة ،مهما كانت ارتباطاتها ،وكانه مستند ودليل وقرينة غير خاضعة للنقاش ومن هنا فان الساحة اللبنانية نتظر صيفا حارا يمكن للبعض ان يرش عليه بعض الماء السياسي البارد ،سواء في متفجرة زحلة او في خلفيات توزيع مناشر الفتنة في صيدا ضد المسيحيين بحيث يتم توصيف المسائل و تسخيفها، وكانها اما اعمال فردية او عرضية او صبيانية في وقت لو كانت هذه الافعال مرتبطة بجهات سياسية معينة ،لكانت القيامة قد قامت ولم تقعد حتى الان وتوحي الاجواء السياسية والامنية اننا امام ارهاصات ميدانية عسكرية وسياسية واعلامية ترتبط بشكل عجائبي وغير مسبوق بتنبؤات للموعد المسمى ايلول .
وهنا تطرح بعض الاسئلة... من اكد ان هذا القرار الظني للمحكمة الدولية سيصدر في ايلول ؟ولماذا في ايلول...؟ اواخر الصيف بعد انتهاء موسم السياحة ، وكيف عرف البعض بحيثيات ومضمون هذا القرار الدولي، طالما ان هذه المعلومات وهذه الحقائق ملك المدعي العام بيلمار
هل ان هذا القرار هو نتاج مطبخ سياسي غربي يسعى لاحداث فتنة في لبنان بعدما استطاع اللبنانيون عبرقواهم السياسية العاقلة طوال الفترة الماضية منذ العام 2005 اطفاء كل نار تشتعل بين المذاهب والطوائف ،وتم اغلاق منافذ الفتنة والانقسام بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، فاذا كان المطلوب من القرار الظني للمحكمة الدولية جلاء الحقيقة لمعرفة المجرم القاتل الحقيقي وليس البديل او المفترض، فبطبيعة الحال فان اللبنانيين يتمنون ويطالبون بذلك، اما اذا كان القرار الظني للمحكمة الدولية يهدف الى اشعال الفتنة الداخلية في لبنان، توطئة لهجوم عسكري اسرائيلي بعد كشف ظهر المقاومة داخليا ، وتعرض للمقاومة ميدانيا وسياسيا للطعن ،وفي حال كهذه فإن المقاومة ستخسر قليلا ، ولكن الاهم من ذلك ان الخاسر هو لبنان بكل اطيافه السياسية والطائفية لانه اذا اشتعلت النيران لن تشتعل في الجنوب فقط ولن تشتعل في الضاحية او مراكز المقاومة وانما ستشتعل في كل لبنان ،لانه كما قال الامام الصدر (لا يمكن ان نقبل ان يبتسم لبنان ويبقى جنوبه متالما) ولا يمكن ان نقبل ان يبتسم الاميركيون والاسرائيليون وحلفائهم في لبنان وتبقى المقاومة واهلها متالمين او مهجرين او مقتولين.
هذه المعادلة التي يمكن ان يتناساها البعض او يتجاوزها بإعتقاده بأنه يملك سلاح المحكمة الدولية أو المؤسسات الدولية ،ويفترض ان بامكانه فرض الوقائع و الظروف الميدانية ،فان قوى المقاومة تملك من القوة و المبادرة مما يؤمن التوازن مع الاخرين، فلكل فريق نطاق ضعفه ولكل فريق نطاق قوته ،وبالتالي فان المقاومة طالما انها تتعرض للحرب الشاملة بكل المقاييس العسكرية والمالية والقانونية ،فانها ايضا سترد بكل الوسائل المتاحة وبدون محرمات او خطوط حمر، لان حق الدفاع عن النفس يتيح ويبرر ان تستعمل كل الوسائل مع شرط اساس وخط احمر تلتزم فيه المقاومة واهلها بان لا تقتص من غير الفاعل وان لا تؤذي المواطنين اللبنانيين الذين يشاركونها العيش المشترك، ولن تشعل الفتنة وانما ستطفئها وتقطع اليد التي تشعلها بشكل موضعي وبشكل محدد ودقيق، فاذا كان البعض يعيش اوهام الاجتياح العام 1982 ،ويهيء العدة ليشارك في اجتياح جديد ومجازر جديدة فلا بد من افهامه ان من يقاتله الآن ليس من قاتله في العام 1982 ،وبان الظروف قد تبدلت وتغيرت فان بقي بعد هزيمة الإحتلال سابقا ، فلن يبقى الآن كما حصل بعد الانسحاب الاسرائيلي في العام1982 حيث تم الابقاء على هذه القوى بالعفو عنها واصبحت شريكة في القرار السياسي، والظاهر أن هذه القوى لن يستقيم منهجها السياسي وانما ستبقى تشكل الطابور الخامس وحصان الطروادة داخل الوحدة الوطنية اللبنانية ،وبالتالي لا بد من حصارها وتخليص لبنان من فيروسها التقسيمي بشعاراتها فيدرالية او الكونفدرالية او المسميات الأخرى