جنــوب الســودان مولود الشــرق الأوســط الأميركي
د.نسيب حطيط
بعد احداث 11 ايلول 2001 ،بدأ الغزو الأميركي للعالم ، ،وأعلنت ولادة الشرق الأوسط الجديد من رحم حرب تموز عام 2006 في لبنان، لإستكمال تقسيم المنطقة بعد تقسيمها الأول في إتفاقية سايكس بيكو التي قسمت العالم العربي إلى دول وإمارات ،وزرعت في قلبها الإحتلال الإسرائيلي كرأس جسر للمشروع الإستعماري الغربي، الذي أضطر لإنهاء الإنتداب المباشر لكلفته الباهظة ،واستبداله بتنصيب أنظمة وحكومات وملوك تابعين، ينفذون المطالب الغربية مقابل بقائهم في الحكم كنواطير أو مقاولين يتقاضون نسبة من ثروات البلاد ونفطها المصادر أميركيا بصفقات السلاح الموهومة.
وكانت الخطة الأميركية تستند إلى بتقسيم المنطقة ابتداء من لبنان بعد إستباحته بعيد إغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبدء التحقيق الدولي الذي توج بالمحكمة الدولية وقراراتها المنتظرة لإحداث الفتنة الداخلية التي تضعف المعارضة الوطنية وقوى المقاومة من التصدي للمشروع الأميركي – الإسرائيلي، فانتقل المشروع الأميركي من لبنان إلى السودان الذي يعيش على الحرب الأهلية المستمرة في جنوبه وشماله منذ الثمانينات، وتم إغراقه بأحداث دارفور التي استغلتها المحكمة الجنائية الدولية و أصدرت مذكرة إتهامها للرئيس السوداني عمر البشير بإرتكاب الإبادة الجماعية ، ، لتشكيل أداة ضغط على النظام السوداني لتسهيل التقسيم وولادة جنوب السودان الذي تبلغ مساحته 24% من السودان وسكانه حواي 27%من الشعب السوداني مايساوي حوالي تسعة ملايين نسمة يشكل المسلمون منهم نسبة 24% والمسيحيون 17% والإحيائيون(القبائل الإفريقية 59%) فالمسيحيون أقلية لكنهم استخدموا أميركيا كبربارة دينية لتمرير المشروع الإستعماري ،وليكون انفصال دارفورالخطوة الثانية على طريق تقسيم السودان الى خمس دويلات.
سقط النظام السوداني في فخ التقسيم، وابتلع الحسكة الأولى التي ستنمو داخل أحشائه وسيدفع ثمن التفريط بوحدة السودان، وستدعم المعارضة السودانية لإسقاطه مرة جديدة ،وهذا يشابه ما تخطط له أميركا في لبنان عبر المحكمة الدولية والقرار الإتهامي المتنقل من سوريا إلى حزب الله وصولا إلى إيران، والهدف الأساس ليس كشف حقيقة الإغتيال والإقتصاص من القتلة، وإنما حصار وتحطيم قوى الممانعة والمقاومة لتمرير المشروع الأميركي، وقد نجحت الإدارة الأميركية إلى حد ما عبر زوبعة القرار الإتهامي ،والذي أحدث عاصفة دخانية لتمرير إنفصال جنوب السودان ،لنجد أن الإنفصال وتداعياته الخطيرة ستمران دون أي ردات فعل أو ممانعة أو مواجهة من العالم العربي والإسلامي الذي يعيش أزماته الداخلية والخارجية ولا يقاوم بالتمساح الأميركي الإستعماري الذي بدأ بإبتلاع أفغانستان والعراق، ويقضم الآن ربع السودان ويهيء الأوضاع لإنشاء دولة كردستان في العراق، لتكون نقطة تجمع الأكراد في إيران وتركيا والعراق ،وتشكل مع جنوب السودان وإسرائيل المثلث الذهبي لحصار وإقلاق العالم العربي والإسلامي وصناعة براكين سياسية وأمنية يجري تفجيرها عندما تدعو الحاجة الأميركية لذلك.
لقد رزق العرب مولودا جديدا بالإكراه والإغتصاب السياسي الذي تمثله الإرادة الدولية المصادرة أميركيا وسط ضجيج التفجيرات الطائفية في مصر وإرهاصات القرار الإتهامي لحزب الله في لبنان ومظاهرات الخبز في تونس والجزائر ومعارك الصومال وأحداث ساحل العاج التي تربك الساحة العاجية علها تكون الخطوة الثانية في مسلسل التقسيم الأفريقي بين غباغبو المسيحي والحسن وتارا المسلم والذي دعمه الغرب فجأة ليتوازن مع دعم الغرب لسيلفا كير المسيحي في جنوب السودان.
لقد أصبحت الأمة العربية تحمل وتولد، دون معرفة أولياء أمورها ويتعاظم أولادها من دويلات وإمارات وأهلها يتنافخون شرفا ويتلهون بمباريات كرة القدم وستار أكاديمي ومحاكمة خلايا المقاومة ،بينما يعبث المستعمرون في غرف نومهم،ولا نخوة ولا شرف ولا وطنية تحركهم للدفاع عن كراماتهم ، كل مولود ودويلة وأنتم بخير.. وافرحوا فقد تزيد جامعة الدول العربية عضوا جديدا مما سيخيف إسرائيل حتما.؟!
بيروت في 10/1/2011 سياسي لبناني*