جنيف 3 بداية حل او تنظيم المعارضة
د.نسيب حطيط
دعا المبعوث الدولي الى سوريا السيد “دي ميستورا “ مكونات المعارضة السورية التي لا تحصى وتتكاثر يوميا ،بما فيها ممثلين عن جبهتي النصرة وداعش الإرهابيتين بعنوان ضباط إتصال بهما، مقابل الوفد الرسمي السوري للبحث او الدردشة بما يشبه الحوار التجريبي دون سقف زمني والذي سيمتد الى حوالي الشهرين او أكثر بالتزامن مع إنتهاء مباحثات الملف النووي الإيراني الذي تحدد موعد إنجازه بين شهري حزيران وتموز مبدئيا".
إن ما تتميز به هذه الدعوة الأممية بما يلي :
- مشاركة الأطراف الإقليمية المعنية ، بما فيها إيران ولأول مرة منذ إنعقاد (جنيف1 ) .
- التورط السعودي بما يسمى التحالف العربي في عدوانه على اليمن مباشرة وخسارته دور الوسيط وتحوله إلى طرف مشارك وغير حيادي بالمعنى العسكري .
- التغيير الدراماتيكي في هيكلية القيادة السعودية التي خلعت الرداء الدبلوماسي والحواري وتقمصت الدور العسكري الحاد و الإنفعالي المتهور .
- خيبة المملكة السعودية من حلفائها الذين تركوها وحيدة في مغامرتها العسكرية ورسوبها في إمتحان زعامة العالم الإسلامي وبشكل فاضح .
- التدخل التركي الفاضح في التصعيد العسكري الشامل خاصة في الشمال السوري في ادلب وحلب ونواحيها .
إن محاولة المبعوث الدولي لمحاورة الأطراف السورية المعارضة ومع النظام بعد فشل محاولاته المتكررة لفض الإشتباك في مدينة حلب، كنموذج يمكن تكراره في بقية المحافظات السورية في حال نجاحه وفق إستراتيجية الحل( بالمفرق ) او الحل المتدحرج بما يشبه المصالحات التي تجريها الدولة السورية والذي افشلته الدول الراعية للمعارضة السورية وقبله النظام السوري ،مما الزمدي مستورا، بمناثشة الحل الشامل أي الحل الساسي بعد إقتناع الإدارة الأميركية بفشل إسقاط النظام وعقم الحل العسكري وخوفا من إنقلاب الأوضاع في العراق لصالح الدولة العراقية وهزيمة داعش التي بدأت إرهاصاتها تلوح في العراق بعد نجاح الحشد الشعبي والجيش العراقي من الإمساك بزمام المبادرة .
لكن جنيف3 يبدأ مع تغير وقائع ما يسمى الربيع العربي الذي بدأ بمظاهرات شعبية تطالب بالإصلاح في مرحلته الأولى ثم صادرته الجماعات التكفيرية بمرحلته الثانية والآن صادرته السعودية وحلفائها كليا عبر عاصفة الحزم الموهومة والتهديد بتكرار التجربة في سوريا لتأمين الغطاء العربي للتدخل الجوي الإسرائيلي والتركي في المعركة لدعم المسلحين –كما حصل في ليبيا -خاصة في جبهتي الجنوب (درعا والقنيطرة ) وجبهة الشمال (ادلب وحلب) لتغيير الواقع الميداني في سوريا قبل بدء التسوية السياسية الشاملة في المنطقة والتي انتقل فيها الصراع بين الجماعات التكفيرية والمعارضة مع أنظمتها القطرية الى صراع بين المحور المقاوم والمحور الأميركي ومن ورائهما صراع دولي يشابه الصراع بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية لتحديد مناطق النفوذ لكلا المحورين وحصة كل منهما في ثروات المنطقة ، لذا فإن مؤتمرات الحوار التي تجري في ليبيا او العراق او سوريا واليمن وقريبا في السعودية والمغرب العربي هي مؤتمرات تحضيرية او لجان فرعية للحوار لبحث التفاصيل السياسية والجغرافية الوطنية ،لتكوين ملف شامل للحوار الحقيقي المقبل دوليا وإقليميا وفق حل واحد يطبق على الجميع ، فإذا إنتصر المحور الأميركي سينفذ مشروعه التقسيمي عبر إقامة دويلات وإمارات ومشيخات ضعيفة كما هو حال الإمارات الخليجية وإذا انتصر محور المقاومة وصمد ، فستبقى الدول كما هي مع تقاسم الدول عبر الأنظمة الجديدة او القديمة مع تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لتحقيق العدالة الإجتماعية وحفظ حقوق المكونات الإثنية والطائفية .
إن فترة الأشهر المقبلة ستكون اكثر سخونة ودموية مما مضى نتيجة محاولة بعض الأطراف الإقليمية كسب بعض أوراق القوة والسيطرة ميدانيا" لصرفها على طاولة المفاوضات التي ستظهر عاجلا"ام آجلا" ،لأن كل الحروب والصراعات لا تنتهي إلا بالمفاوضات مع الفارق ان تفاوض مهزوما او تفاوض ندا" لتكتب المعادلة الأخيرة والصبر والصمود مفتاح النصر وحفظ الهوية والحقوق والأوطان فاليأس ممنوع (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ).