يبدو أن الثنائية السورية – السعودية،بدأت بالتمدد عربيا،لحل بعض الأزمات الداخلية،يعد نجاح التجربة اللبنانية، برعاية سورية – سعودية يشوبها الحذر المتبادل،والثقة الضعيفة بين الدولتين إلا أن المتابعة السعودية للملف اللبناني،الذي توجت بزيارة الرئيس سعد الحريري إلى دمشق بمفاعيلها المتعددة ،شجعتا سوريا للرد بذات المستوى السياسي،من خلال دعمها وتسهيلها، لزيارة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس إلى الرياض،لإعادة إشراك السعودية في ملف المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية،بعد انتكاسة إتفاق مكة عام 2007، بحيث رسمت معادلة الحريري في دمشق مقابل مشعل في الرياض، بالإضافة إلى خضوع حماس لفحص عربي كما صرح الوزير سعود الفيصل،وضمنا البراءة من إيران،وبعدما أعلنت حماس عروبتها من جديد،تم مكافئتها من الأشقاء العرب،على معبر رفح ،حيث قتل البعض وجرح آخرين للمطالبة بالسماح لغير العرب من الأتراك والأوروبيين وغيرهم للوصول إلى غزة مع ما تبقى من مساعدات في قافلة شريان الحياة،المقطوع على معبر رفح،ولإثبات عروبة أهل غزة،لا بد من إجبار القافلة للدخول عبر معبر إسرائيلي لمباركة المساعدات،صهيونيا وهذا ما فرضه الأشقاء العرب أيضا،حيث أن صفات العربي أن يتقاتل مع أخيه ويتأمر مع أعدائه عليه، ويحاصره،وأن يكون تابعا،وعليه أن يبقى مهزوما أيضا .
وقد ضمنت زيارة مشعل ، للسعودية دورها العربي الذي تعرض للإنكماش خلال السنوات الماضية بعد إنفراط المثلث السوري – السعودي – المصري،خاصة وأن الرياض تحتاج الآن لمثل هذا التمدد السياسي بعد تورطها في أحداث اليمن.
ويبدو أن الإدارة السورية،اختارت هذا التوقيت لتحقيق عدة أهداف في ضربة واحدة،فمن جهة ترد الجميل للسعودية التي اعترفت وقبلت بعودة الدور السياسي السوري إلى لبنان،ومن جهة أخرى حرمان مصر من التفرد بحل الملف الفلسطيني،والذي تسعى إليه بكل قوة،لأنه الملف الوحيد الذي يبقي النظام المصري في دائرة الضوء السياسي،في الساحة الإقليمية والدولية حيث اقتصر حضوره على دوره الأمني السلبي في فرض الحصار،عبر الجدار الفولاذي الذي اختاره ليكون أقسى من الجدار الأسمنتي الصهيوني، ، ،ويهدف السوريون أيضا لفك الحصار عن حماس في لحظة حرجة بعد انقضاء عام على عدوان غزة والسكوت العربي والعالمي المطبق على الموت البطيء الذي تتعرض له غزة،حيث من المتوقع أن ينحصر الدور المصري باستضافة الموقعين والضيوف على أن تتولى سوريا والسعودية،تجهيز الإتفاق وتفعيل نضوجه،وأن تحضر سوريا والسعودية كشركاء،وإيران وتركيا كمراقبين مع الأردن.
وإذا ما نجحت الثنائية السورية – السعودية في الملف الفلسطيني بعد لبنان،فإنها يمكن أن تتوجه إلى الملف السوري – المصري،لإعادة المثلث القديم،للتحرك ثلاثيا باتجاه اليمن، لإستنقاذ السعودية أولا،واليمن ثانيا خوفا من بدء تحول اليمن إلى صومال جديد، بعدما شرعت الإدارة الأميركية بتحضيره ليكون جبهة ثالثة لمحاربة الإرهاب الموهوم والمفترض للسيطرة على الموقع الجيوسياسي لليمن على البحر الأحمر والمحيط الهادئ،بعدما لم تفلح مسرحيات القراصنة الصوماليين الذين يخطفون برعاية أميركية وتغض النظر عنهم مما يكشف الخاصرة السعودية في خليج عدن وانفتاحها على المحيط الهادئ،أمام كل التهديدات المرئية وغير المرئية.
ويبقى السؤال المطروح... هل ستسمح الإدارة الأميركية لحلفائها بتطوير التعاون مع سوريا،مما يفتح الطريق أمامها لإستعادة دورها الإقليمي وفك عزلتها وحصارها،أم أن الإدارة الأميركية على مستوى المنطقة وفي أفغانستان،تحتاج إلى المساعدة غير المباشرة من ( محور الشر)وفق المصطلح الأميركي المتمثل بإيران وسوريا وحلفائها من حركات المقاومة،وتهدئة الساحات التي تربك وتقلق إسرائيل، خاصة الساحتين اللبنانية والفلسطينية،ليتفرغ الأميركي إلى مشكلاته في العراق وأفغانستان وإيران بمساعدة إسرائيل التي تم إراحتها بملفاتها الساخنة،بإنتظار إعادة الإنقضاض في اللحظة المناسبة على هذا المحور المقاوم،وإسقاطه في الجولة المقبلة بعد صموده في الجولات السابقة.
الظاهر أن الجميع يحاول إستغلال زمن التهدئة،لترتيب أوضاعه وزيارة قوته بإنتظار ما تخبئه الأيام من مفاجآت خاصة وأن اليمن يهدد الأمن العالمي كما قالت الوزيرة كلينتون لكن لم تشرح كيفية ذلك،مقارنة مع الإحتلال والغزو الأميركي...؟!