داعش في السعودية وأستراليا
د.نسيب حطيط
عندما صنعت أميركا وحلفائها "القاعدة" وأولادها التكفيرين من داعش والنصرة وبوكو حرام وأنصار بيت المقدس أعتقدت خطأ أن هذا الوحش التكفيري يتحرك وفق الأوامر ووفق الحديث المفبرك عن رسول الله (ص) "أطع حاكمك ولو ألهب ظهرك بالسياط " فأستخدم هؤلاء الشباب البسطاء المقهورين من حكامهم وأنظمتهم والمضللين من مشايخهم والذين لم يظلمهم الشيعة أو بقية المذاهب كما يدعون ، فهم يعيشون في دول حكامها من أهل السنة وليسوا من الشيعة وكلا الجماعتين الشيعة والسنة مقهورين من الحكام ولا يحصلون على جزء من حقوقهم.
أطلقت أميركا وحلفائها العناصر التكفيرية لغزو سوريا والعراق ولبنان، لإسقاط محور المقاومة على أن تتخلص منها بعد إنتهاء الدور والوظيفة المرسومة لها وقد تم تدريب هذه القيادات التكفيرية المدربة في السجون الأميركية في العراق وأفغانستان وفي المعاهد الشرعية والسجون السعودية وألتزمت بعدم العمل العسكري ضد إسرائيل أو المصالح الأميركية أو القوى الحليفة معها ولكن فشلها في إسقاط النظام في سوريا جعل الأميركيين يوسعون دائرة عملياتها بإتجاه العراق ،فكانت غزوة الموصل للتعويض عن الفشل في سوريا والضغط على إيران، لكن رد محور المقاومة جاء سريعاً في اليمن واستطاعت حركة أنصار الله مع حلفائها من الإمساك بورقة اليمن وإحراج السعوديين عبر خسارتهم للملف اليمني والخسارة الأميركية بخسارة باب المندب الإستراتيجي ترافق ذلك مع استعادة العراقيين لزمام المبادرة مع فتوى المرجع السيد السيستاني للدفاع الشيعي عن العراق.
حاولت أميركا وحلفائها ستر العورة عبر ما يسمى بالتحالف الدولي الذي لم يستطع أن ينقذ عين العرب من داعش وفي ذلك خداع ونفاق كبير ،حيث علينا أن نصدق رغماً عنا بأن قوة داعش أقوى من حلف الناتو وواحد وعشرين دولة إضافية، لكن الأسوأ بالنسبة للمحور الأميركي – الخليجي إرهاصات تمدد داعش على مستوى العالم والخليج وتركيا خصوصاً بالنسبة للسعودية فإن حادثة إطلاق النار على إحدى الحسينيات الشيعية واستشهاد 7 وجرح آخرين وما أعقبها من مطاردة الأمن السعودي للمطلوبين أحرج السعودية بشكل كبير فإن كانت أجهزة الأمن متواطئة فذلك إشكال كبير على مستوى الداخل السعودي وإشعال للفتنة وإذا كانت عاجزة فتلك مشكلة أكبر، مما يعني أن الجماعات التكفيرية منتشرة في السعودية بشكل أكبر مما يعتقده كثيرون ويملكون حرية الحركة والتجول بالسيارات مع أسلحتهم الرشاشة ،فإذا أضفنا إلى حادثة مدينة ( شرورة ) السعودية في تموز الماضي والذي لم تشهد السعودية مثيلاً له منذ أكثر من ثلاثين عاماً منذ هجوم جهيمان العتيبي على المسجد الحرام عام 1979 بالإضافة للإعتقالات التي أعلنتها الداخلية السعودية في الرياض وغيرها من المدن لوجدنا أن خلايا داعش متواجدة في كل أنحاء المملكة مع توفر السلاح والغطاء الديني والبيئة الحاضنة بالتلازم مع الحدود المترامية والمفتوحة مع العراق واليمن ،فكما تسلل التكفيريون تحت نظر السعودية إلى العراق واليمن والأردن يمكنهم العودة سراً إلى السعودية في اللحظة التي يقرر فيها الأميركيون تغيير المعادلة الداخلية في السعودية وتصريح الوليد بن طلال أول بشائر الصراع العلني والربيع السعودي المقبل.
لقد توسعت دائرة التكفيريين بالقتل حتى وصلت إلى نيجيريا ضد المسيحيين والشيعة ووصلت إلى استراليا عبر إطلاق النار على مجلس عزاء حسيني في سيدني للدلالة على أن التكفيريين الأوروبيين من أصل عربي أو مسلم والذين قاتلوا في سوريا والعراق بدأوا يعودون إلى بلادهم لبدء مرحلة الفوضى والثأر من أميركا وحلفائها الذين تخلوا عن داعش والنصرة والقاعدة في الظاهر على الأقل ،فستعمد داعش وأخواتها لضرب منظومة الأمن في أوروبا وأميركا وأن النار التي أشعلها الغرب في بلادنا ستمدد إلى بلاده على أيدي التكفيريين عاجلاً أم آجلاً.
المنتج الأميركي في صناعة التكفير سينتشر في الأسواق الأوروبية والخليجية مع هشاشة البيئة الإجتماعية لهذه المجتمعات التي لم تعرف الحرب أو الإضطرابات الأمنية منذ الحرب العالمية الثانية، لذا فإن اي تفجير أو عمل أمني سيعتبر بمثابة تفجير نووي فيها ،خلاف ما تعيشه شعوبنا المظلومة التي لم تعرف الراحة والإستقرار منذ قرن كامل.
داعش العالمية ستنفجر في كل اللغات والساحات وعلى من صنعها إنتظار آلامه وقتلاه ... وكما قال السيد المسيح (ع ) لتلميذه بطرس "من قتل بالسيف .... بالسيف يقتل" ومن قتلنا بالتكفيريين ... بالتكفيريين سيقتل!