رسـالة عاشــوراء الشهادة ليست هزيمـــة
د.نسيب حطيط
قال المهاتما غاندي( لقد طالعت حياة الحسين ،شهيد الإسلام الكبير ودققت النظر في صفحات كريلاء واتضح لي أن الهند إذا ارادت احراز النصر لابد لها من إقتفاء سيرة الحسين) وقال (تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر) ومقاومة المظلوم للظالم تبدأ بتحرير الذات من الخوف والعبودية وإستعمال القدرات الممكنة لتحرير الأمة والوطن.
عاشوراء رسالة إلهية بلسان الإمام الحسين(ع) وأولاده وأصحابه وأجسادهم المهشمة وعيالهم السبايا من نساء أطفالا ، لتقدم نموذجا من التضحية في سبيل الله والعقيدة بثمن غال يساوي بذل الأرواح والعيال وكل شيء...ولتعلن أن القتال في سبيل الكرامة والدين والإصلاح لا يكون بالوعظ والخطب والإرشاد فقط، ففي اللحظة الفاصلة على المقاوم الصادق أن يقرن الأقوال بالأفعال سرا وعلانية بعيدا عن الربح والخسارة بمعناها المادي...ليصل إلى مرتبة الشهادة بمعناها الإلهي بعيدا عن التوصيفات التي نسمعها كل يوم حتى استبدلت صفة(الوفاة)بالشهادة ،مما أهان الشهداء الأبرار الذين تركوا الدنيا في سبيل الكرامة والدين والحرية .
إن النموذج العاشورائي يتكرر في كل الرسالات وفي جلجلة –عاشوراء السيد المسيح (ع)الذي ترك وحيدا امام ظلم السلطة الحاكمة في قلعة انطونيا في القدس كما ترك الإمام الحسين(ع)وحيدا امام الحاكم يزيد في كربلاء،وقد قال السيد المسيح(ع) للنساء اللواتي كن يبكين عليه (يا بنات اورشليم لا تبكين علي بل أبكين أنفسكن وأولادكن فإن كانوا قد فعلوا هذا بالغصن الأخضر فماذا يجري باليابس ) "لوقا"وقال (أغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ما يفعلون)....
عاشوراء(خميرة) الثورة وقمة التضحية ،تعلن للمترددين الخائفين من الموت، بأن الموت في سبيل الله ليس فناء بل حياة ونصر، وأن العيش مع الظالمين هو الذل والمهانة وأن الحياة مع الظالمين هي الذل والعبودية ،وأن المقاومة واجب وحق ولاتبرر قلة العدد او العتاد الإستسلام ،و هي الدواء الناجح للمظلومين في كربلائهم ولكل (يزيد) يحكمهم ويحتل أرضهم.
يظن البعض أن عاشوراء ساحة للبكاء والسواد فقط ، وهنا يجيب الشاعر نزار قباني بقوله:
سأل المخالف حين أنهكه العجب هل للحسين مع الروافض من نسب
فأجبتـه ما للحسين وما لكم يا رائدي ندوات آلية الطرب
إن لم يكن بين الحسين وبيننا نسب فيكفينا البكاء له نسب
نبكي على الرأس المرتل آية والرمح منبره وذاك هو العجب
لقد تحول منبر الحسين إلى رمح يطعن الظلم ويفتتح طريق الإصلاح...وعاشوراء تشعل قناديلها للباحثين عن الحرية...وأن الثورة على الظلم تنبع من تحرير الذات ولا تستعين بالأعداء ولا تقتل الأبرياء ولا تهدم المنشآت... عاشوراء تعلن للذين يرفعون رايتها أن الدين هو الأساس والهدف والطريق، ولا يمكن أن نبكي الحسين(ع) وأن نصمت عن السرقة و التزوير، فلن يكون الدمع إو لبس السواد صادقا، وأنت تصادر دماء الشهداء أو عرق المجاهدين وتؤذي أخوانك..عاشوراء تقرع أجراس الإنذار حتى يستيقظ البعض من سباتهم ليبادروا للإصلاح في صفوفهم، وقد قال رسول الله(ص)(لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) فلتقطع يد السارقين لدماء الشهداء وعذابات الثكالى، والتي تصرف في شركات وقصور وسيارات ،فلتقطع أيدي وألسن العملاء بلا هوادة ،فلقد قطع رأس الإمام الحسين(ع)وهو يقاوم الظلم فلماذا نتأخر ...أم ننتظر تكرار تجربة جيش لحد ليتظاهروا أمام السراي الحكومي طلبا للحرية!
عاشوراء ليست شيعية ...عاشورا ثورة إسلامية إنسانية ،وقد روي أن الزعيم الصيني" ماوتسي تونغ" قد قال لياسر عرفات (عندكم تجربة ثورية قائدها الحسين وهي تجربة إنسانية فذة وتأتون إلينا لتأخذوا التجارب !)عاشوراء إنتصرت في الجنوب عام2006 وستنتصر في غزة عام2012 ...عاشوراء قافلة الشهادة والإنتصار المستمر حتى إنهزام الباطل... فكونوا عاشورائيين مهما كانت مذاهبكم وطوائفكم فالحسين(ع) قمر في ليل كل مظلوم.