سقوط الرمادي والدعم الأميركي لداعش
د.نسيب حطيط
سقطت الرمادي بأيدي داعش فجأة ، بعدما أسقط الأتراك مدينة إدلب وجسر الشغور بأيدي النصرة لإستكمال إلغاء الحدود بين العراق وسوريا تسهيلا" لولادة دولة "القاعدة" وأبنائها من داعش والنصرة والأسماء التكفيرية الأخرى.
إن الموقف السلبي لأميركا ضد قوات الحشد الشعبي ساهم بضرب القوى المقاومة للمشروع الأميركي وذلك لإبقاء حرب الإستنزاف الطويلة داخل الدول للقضاء على المقدرات العسكرية (جيش وقوى أمنية) وقوى المقاومة الشعبية وتفتيت الجغرافيا لتحطيم الدولة والتقسيم الديمغرافي القسري (التهجير)وصولا للتقسيم.
لقد نجحت أميركا في العراق بسلخ العنصر الكردي عن الوطن الأم والدولة الكردية أصبحت واقعاً لا نقاش فيه، بل الأسوأ أنها دولة مستقلة من جهة وشريك معطل للدولة العراقية ،فأصبح الأكراد يحتلون منصب رئيس جمهورية العراق ورئيس إقليم كردستان (الدولة الكردية) وتعمل أميركا على إلغاء الوحدة الجغرافية بين الشيعة والسنة وتعزيز الإنقسام المذهبي ،فأقنعت السنة (عشائر وشخصيات سياسية) أن "داعش" هي بديل صدام حسين لإسترجاع مقاليد الحكم في العراق وفي أسوأ الأحوال فإن "داعش" هي جسر العبور للدولة "السنية" المفترضة ولإثبات إمكانية تحقيق ذلك دفعت أميركا بجماعة "داعش" للسيطرة على كل المحافظات والمدن التي يقطنها السنة في العراق وتعهدت أميركا بدعم الأكراد والسنة مباشرة بالسلاح وكل ما يلزم لبناء "الدويلة" متجاوزين الدولة المركزية التي يتشارك فيها الجميع (شيعة وسنة وأكراد) ومنعت الحشد الشعبي من دعم الجيش العراقي الذي يعاني من الإنقسامات والثغرات الأمنية والتلوث المذهبي والفساد المالي وعدم وجود عقيدة قتالية واضحة والذي لا يزال بعض ضباطه وعناصره يوالون النظام الصدامي السابق.
لقد بدأ تكوين الدولة "السنية الكبرى" تحت إشراف القاعدة والدولة الكردية (كردستان الكبرى) حيث تكون الدولة "السنية" في سوريا والعراق على الأراضي التي تسيطر عليها "القاعدة" والنصرة وداعش وتتمثل في محافظات (الرقة – دير الزور- الحسكة- الأنبار- نينوى-الموصل-كركوك..) ولا يزال يعيش فيها حوالي مليونين تحت سيطرة التنظيم الذي يسيطر على حوالي 30 مدينة من أصل 200 مدينة وحاضرة أساسية في البلدين وأن ما يحكى عن سيطرة داعش والنصرة على قلب العراق ونصف سوريا فإنه يحتسب المناطق الصحراوية الخالية من السكان والتي تتباعد بعض النقاط السكانية عن بعضها حوالي 100 كلم وبالتالي لا أهمية استراتيجية كبيرة لها ،بل أنها تشتت القوى المسلحة لداعش والنصرة ويحاول البعض من خلال الحرب النفسية القول بأن النظام يسيطر على 25% من الجغرافيا السورية ولكنه نسي أن هذه النسبة تحتوي على العاصمة والمرافىء والمطارات المدنية ونسبة 70% من الشعب السوري أي أن الدولة السورية هي التي تقبض على الأمور في سوريا أمام حرب عالمية وأن بعض الخسائر الميدانية الأخيرة كانت بسبب التدخل التركي المباشر ووفق إستراتيجية حلف المقاومة لإحتواء الإندفاعات الكبرى للمسلحين وإمتصاص الهجوم والتقليل من الخسائر العسكرية ومن ثم الهجوم المضاد وفق إستراتيجية توازن بين التوقيت وأولوية الجبهات وعدم الإنصياع لخطة الخصم بتحديد الجبهات وفق مصالحه أو تشتيت القوى والحروب كمباريات رياضية حيث تكون النتائج مرهونة بالدقيقة الأخيرة وعدم الإنهزام أمام الأهداف التي يحرزها الخصم آنياً.
إن ما يجري في العراق هو المشروع التمهيدي لما سيصيب العالم العربي وخاصة سوريا والسعودية وتركيا ،فإذا تم تقسيم العراق الذي بدأ عند الغزو الأميركي له عام 2003 ويكاد المشروع الأميركي ينجح في تقسيم العراق وبمطلب (للأسف) من مكونين إثنين هما (الأكراد والسنة) للتخلص من الهيمنة الشيعية المفترضة والتي لم يمض على تسلمها الحكم (الإقتراضي) أكثر من ثلاث سنوات مقيدة بالفيتو الكردي والسني والإملاء والتهديد الأميركي والسيارات المفخخة وغزوة الموصل.
إذا نجح المشروع الأميركي في العراق فستكون الدولة الكردية أول المواليد للشرق الأوسط الجديد وستتناقص الجغرافية التركية خصوصاً وان 18 مليون كردي تركي سيلتحقون بكردستان الكبرى وسيلحق بهم العلويون (16مليون) وتبقى تركيا الصغرى الضعيفة على أبواب أوروبا والتي انتهت وظيفتها بتفجير العالم العربي معها بعملية انتحار" اردوغانية " ثم تقسيم السعودية التي اعترفت بان داعش قسمتها الى خمس مناطق عمليات عسكرية لتصبح إمارات مستقلة وقد بدأت داعش إشعال الربيع السعودي الأسود.
سنقاوم ونصبر وسنهزم المشروع الأميركي.... وسننتصر بإذن الله تعالى.