سوريــا والشــرق الأوســط الجديــد
د.نسيب حطيط
تبنى الكونغرس الأميركي عام 1983مشروع برنارد لويس لتقسيم الشرق الأوسط الجديد ابتداء من العراق ،واطلق شيمون بيريز عام 1993 مشروع الشرق الأوسط الجديد و،في حرب تموز2006 أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية غونداليزا رايس ولادة هذ الشرق من لبنان بهزيمة المقاومة وفي عام 2008 بدأت المحاولة الثانية في غزة وفشلت إسرائيل وأميركا بإسقاط قوى المقاومة التي تمثل سوريا قلبهاالجغرافي والأمني والسياسي .
ومع إندلاع الثورات العربية وتساقط حلفاء أميركا ،أستغلت أميركا ضعف هذه الثورات بغياب القيادات والبرامج أو الإمكانيات والاعباء التي ورثتها من متاعب إقتصادية وداخلية ،أضيفت لها الفتن الطائفية والمذهبية والقبلية، لتجد أميركا الفرصة لإطلاق مشروعها المتعثر .
ولولادة الشرق الأوسط الأميركي لا لابد من هزيمة قوى المقاومة ،والتي تمثل سوريا قلبها النابض وشريان الإمداد ،وإستغلالا للمطالب الشعبية ،بادرت أميركا وإسرائيل ومعها بعض العرب لضرب المركز في سوريا لإسقاطها بحجة الإصلاح، ومع تأكيدنا لحقوق الشعب السوري بالإصلاح والحرية والديمقراطية، إلا أن العاقل يتسائل عن النفاق الأميركي والعربي ،ويرى أن القضية ليست قضية إصلاح داخلي، بل مشروع خارجي يضع سوريا بين الفوضى أو والقبول(بالسلام)على الطريقة الإسرائيلية لصالح المشروع الأميركي – الإسرائيلي والدليل:
- ألم تسكت أميركا عن حلفائها(مبارك-بن علي- علي صالح-...)طيلة أربعين عاما وتمدهم بالمساعدة وتتغاضى عن قمع شعوبهم؟.
- ألا تزال أميركا حليفة لدول الخليج التي لا تعرف الديمقراطية و حقوق الإنسان وتمنع المرأة من قيادة حتى السيارة(مع أنه في صدرالإسلام كانت المرأة تركب الجمل والحصان وغيرها من الدواب).
- كلينتون تحزن لطفل في سوريا ،ونحن نحزن لكل الأطفال ،ولكننا نسأل هل حزنت لشهداء ل قانا وأطفال فلسطين وباكستان وأفغانستان و العراق وآخرهم الذين استشهدوا في الجولان يوم امس برصاص اسرائيلي !!
- أميركا تصادر الثورات وتتكلم بإسمها دون وكالة أو إذن فيعين الرئيس الأميركي أوباما وائل غنيم رئيسا لجمهورية مصر دون إنتخاب، ويدعو الرئيس السوري أو اليمني او الليبي للتنحي والرحيل ،ويسكت ويعمى عن ثورة البحرين!!؟.
- الشعب الفلسطيني المظلوم بلا دولة، والإحتلال الإسرائيلي يسجن11000فلسطيني من الرجال والنساء والأطفال ، ولم تستنكر أميركا والغرب الإعتقال والقتل ، ولم تحرك مؤسسات حقوق الإنسان ومجلس الأمن ، كما تفعل مع سوريا وليبيا لأن الفاعل(إسرائيلي) والأميركي يلتزم بحمايته.
- لقد أعطى النظام في سوريا رزمة من الإصلاحات لم تأخذها الثورتين المصرية والتونسية(إلغاء قانون الطوارئ - محكمة أمن الدولة- العفو العام– زيادة الرواتب–تجنيس الأكراد...) وغيرها من الإصلاحات وتراها( المعارضة) الموجهة خارجيا والمحتضنة إقليميا بأنها متأخرة وغير كافية ، والمطلوب رحيل الأسد و النظام الممانع وتطل هذه المعارضة من نافذة الإعلام الإسرائيلي ( عبد الحليم خدام.. ) والمؤتمرات في الخارج ولا تعلن عدائها لغسرائيل مقابل وعدها بإستلام الحكم في سوريا فعلى الثورات العربيةالشريفة أن لاتقبل بمقايضة(السلطة)مقابل الأمن الإسرائيلي والوصاية الأميركية.
الشرق الأوسط الجديد يقاتل أخر العوائق لولادته، وهو إسقاط النظام في سوريا للإجهاز على قوى المقاومة ، لإعادة ترتيب المنطقة وفق ما قاله برنارد لويس الصهيوني ، ووفق ما نشره الجنرال رالف بيرز في مجلة الجيش الأميركي في تموز 2006 (حدود الدم) لتصحيح الحدود الخاطئة وبناء الشرق الأوسط الجديد.
سوريا أخر خطوط الدفاع عن الوطن العربي والواجب يدعونا للدفاع عن أمتنا ،بالدفاع عن سوريا متجاوزين كل الملاحظات والأخطاء ،فمصير الجميع في خطر، فكلنا جسد واحد فلنحمي بعضنا بعضا من المستعمرين والمحتلين الجدد ولا تفرحوا بديمقراطية المارينز وبلاك ووتر في العراق وأفغانستان .
الديمقراطية والإصلاح صناعة وطنية ولا تخضع لقانون الإستيراد والتصدير، وإلا خضعت لرسوم الجمارك السياسية والأمنية والإقتصادية لصالح أميركا والغرب.