عاشوراء الحوار حتى الطعنة الأولى
د.نسيب حطيط
القتال والقتل ليس هدفاً في الإسلام بل وسيلة للدفاع عن الرسالة والنفس كحل أخير وهو ردة فعل على الإعتداء بالتلازم مع الحوار والدعوة على أساس الرسالة.
عندما انتصر رسول الله (ص) على كفار قريش عفا عنهم ولم يأخذ هم سبايا ولم يذبح أحداً... ثم قال إذهبوا فأنتم الطلقاء.
يقول الإمام علي (ع) فوالله ما وقعت الحرب يوماً إلا وأنا أطمع أن تلحق في طائفة فتهتدي بي وتعشوالى ضوئي وذلك أحب إلي من أن أقاتلها على ضلالها وإن كانت تبوء بأثامها !
وإنطلاقاً من هذه المدرسة الإسلامية الأصيلة تحرك الإمام الحسين (ع) نحو كربلاء بإتجاه الإصلاح ومنع الإنحراف وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحقيق العدالة الإجتماعية التي دمرها يزيد (الخليفة).
.... الإمام الحسين لم يبدأ القتال بل دافع عن حريته بعدم البيعة بالإكراه وإعطاء المشروعية للإنحراف اليزيدي معلناً شعاره"إن لم يستقم دين محمد بقتلي فيا سيوف خذيني" واستعداده للشهادة في سبيل الله مسبوقة بالحوار والتعريف والإرشاد للجيش المتربص به محاولة لإنقاذه من ضلاله ولكشف الغشاوة عن عينيه ومحاولة إسترجاع العقل والذاكرة التي دمرتها المنظومة الأموية الحاكمة بالمال والترهيب والكذب والتزوير وغسل دماغ الجيش الذي يعتقد أنه يدافع عن الإسلام بدفاعه عن يزيد الخليفة الشارب للخمر والفاسق والفاسد.
لقد بكى الإمام على قاتليه لإعتقاده اليقيني أنهم آثمون بقتله وأنهم سيحاسبون عند الله بدمه لذا بادر إلى إرشادهم بخطبتين متتاليتين في اليوم العاشر من المحرم قبل بدء القتال يعرفهم بنفسه بأنه سبط رسول الله (ص) فقال:" أيها الناس أنسبوني من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها وانظروا...هل يحق لكم قتلي وإنتهاك حرمي؟! ألست إبن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين بالله والمصدق رسوله بما جاء من عند ربه أو لم يبلغكم قول رسول الله (ص) لي ولأخي هذان سيدا شباب أهل الجنة أما في في هذا حاجز لكم عن سفك دمي ؟!وأعلن الحسين موقفه التاريخي المجيد "لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبد" هيهات منا الذلةبالتلازم مع الحوار المتلازم مع السيف المقاتل بالحق،الحوار المستند إلى قوة العقيدة والشجاعة والثقة بالله هو حوار غير مذموم الحوار الداعي لاستنقاذ الخصوم من ضلالهم ليس ضعفاً بل رحمة .
إن المعركة الدائرة بين المسلمين معركة ممتدة بين الضلال والخير بين المأخوذين بالشبهة وبين المؤمنين بالأصالة بين التكفيريين الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعاً في الدنيا ... هي امتداد لمعركة كربلاء بين اليزيدية المنحرفة والتكفيرية وبين أحفاد الحسين الداعي للإصلاح والإسلام الأصيل ليست بين السنة والشيعة هي بين المسلمين من المذاهب جميعها وبين مذهب التكفيريين الجدد... عاشوراء القرن الواحد والعشرين هي بين السنة النبوية الشريفة وبين السنة الأميركية - الوهابية الجديدة ... أنصار الحسين ليسوا الشيعة فقط بل كل مسلم ومسيحي أمثال (جون) الذي قاتل في كربلاء مع الحق مع أن الإمام أعطاه الإذن بالرحيل لكنه استشهد...
الحرب ليست مذهبية وليست سنية وشيعية فالتكفيريون يقتلون الجيش المصري (السني) ويقتلون بعضهم بعضاً في ليبيا وتونس وسوريا والعراق ...يقتلون أئمة المساجد من أهل السنة ويغتصبون النساء (السنة) وغيرهم ويقتلون السنة الأكراد في عين العرب.
الإمام الحسين يدعونا أن نحاورهم وندافع عن الإسلام أن نستنقذهم من أنفسهم وضلالهم وأن ننقذ الإسلام وأهله ومواطنيه وبقية الطوائف من الذبح .
عاشوراء باب للوحدة وليس للتفرقة، فالحسين ليس شيعياً كما ينظر الآخرون له إلتباساً وجهلاً الإمام الحسين سبط رسول الله وسيد شباب أهل الجنة مما يعني أنه سيد المجاهدين والمقاومين مهما كانت مذاهبهم وعلى الجميع أن يحيوا عاشوراء في مذاهبهم وحلقات ذكرهم وأن لا يجافوا الحسين في كربلائه ولا يحتج أحد علينا لأننا نحيي عاشوراء بل نحن نعاتب من يقصر في إحيائها خاصة وأن أحداً لا يمنع الآخرين من مناصرة الحسين (ع).