عندما تصلب الأمة على خشبة التكفير والعدوان
د.نسيب حطيط
أصدر الرومان المخالفين لرسالة السيد المسيح (ع) أمراً بصلبه ردعأ له وإعداماً لرسالته السماوية وترهيباً لأنصاره وذلك لحفظ ملكهم وسلطانهم الذي اندثر وسقط مع ملوكه وقياصرته.
تقول الروايات الدينية أن الرومان كانوا يجلدون المحكومين بسوط ثلاثي الأطراف بعد تعرية أجسادهم ويمكن أن يموتوا تحت التعذيب ووفق الرواية المسيحية فإن المسيح (ع) قد ألبس ثوباً إرجوانياً كنوع من الإستهزاء بوصفه ملكاً سيجلد ويصلب، وهذا ما أستعاره المحافظون الجدد الملحقين بالصهيونية التي تطلب الثأر من المسيحية والإسلام فتلبس مسجونيها "الثوب الأرجواني" في غواتنامو وأبو غريب وكذلك يقلدها أبناؤها التكفيريون -النسخة الجديدة - المسماة داعش التي تلبس الضحايا قبل ذبحهم أو حرقهم اللون البرتقالي ثم تصلبهم على الساحات ومداخل المدن والقرى في استعادة تمثيلية لجلجلة السيد المسيح (ع)
يعود أحفاد اليهود والرومان ليصلبوا الأمة بكل طوائفها ومذاهبها وقومياتها أفراداً وجماعات وصولاً لشعوب بأكملها مرة بعنوان الربيع العربي والديمقراطية وتداول السلطة والتعددية البالية ومرة بإسم (إحياء الإسلام) ونشر فكر التوحيد المكتوب بالدماء السائلة على سكاكين الذباحين ومنارته إحراق الأسرى في عملية إعتداء مستمر على عباد الله ولكن بإسم الله ورسوله ورسالته!
تحترق الساحات العربية بعدما وضعت (الجمرة الخبيثة ) في فلسطين المحتلة عام 1948 وبدأت دولة الكيان الصهيوني بصلب الفلسطينيين عبر تهجيرهم من وطنهم ثم إحتلال الأراضي العربية عام 1967 ومن ثم جنوب لبنان... لا زلنا في الجلجلة المستمرة منذ العام 1948 وقبلهما الحرب الأهلية التي لا زالت جرائمها المذهبية والطائفية تحت رماد إتفاق الطائف المجمد والمشلول.
يصلب العرب ويحرقون في سوريا وليبيا وتونس والعراق ولبنان وفلسطين ومصر وصولاً للشعب اليمني المظلوم الذي أجمع بعض العرب على قتله وحصاره مع أنهم لم يجتمعوا طوال حياتهم ولم تظهر نخوتهم لتحرير القدس او مساعدة أهل غزة !
إن النار المشتعلة في اليمن بحجة حماية الأمن القومي العربي والذي أستبيح من العدو الإسرائيلي والغزو الأميركي والوحش التكفيري ... لم نشهد ناراً تماثلها ونخوة عربية مفقودة عندما تكرر الإغتصاب الأمني لأوطاننا وشعوبنا ولم يتذكر بعض العرب اتفاقية الفاع المشترك الا ضد اليمنيين الذين يمثلون اصل العرب من قحطان وعدنا في إنقلاب على الأجداد والأباء كما هي حال الأمراء والملوك والأشقاء في الخليج .
لقد تداعى العرب لتحالف ضد الشعب اليمني الذي يبحث عن إستقلاله وسيادته وكرامته وأمطروا النازحين والمدنيين الأبرياء بالقنابل العنقودية ودمروا محطات الكهرباء والغاز والمنازل والمطارات ولم يقصفوا "القاعدة" وأخواتها بل شكلت طائرات التحالف سلاح الجو التكفيري في اليمن ولم تقصفهم في العراق وسوريا...
لقد نزل رعاة التكفير إلى الميدان بعدما انهزم وكلائهم من النصرة وداعش وأنصار بيت المقدس ... وثاروا غضباً من النووي الإيراني السلمي وفرحوا بالنووي الإسرائيلي العسكري ولم يستفزهم لأنه مطمئنون له كحليف وليس عدوا".
لقد انقلبت المعادلات وتغيرت بوصلة العدو... ونحن نبحث الآن عن أمة مفقودة ومشتتة يحترق بعضها ويباع بعضها ويغتصب بعضها ولم يبق منها سوى اللاجئين والمهجرين والمذعورين وبعض مقاومة تحاول إنقاذ الأمة من أعداء الداخل والخارج... وهي تتلقى الضربات من الداخل والخارج.
نبارك للأخوة المسيحيين أعيادهم المباركة وعسى أن ينجوا من عمليات الإبادة المنظمة التي بدأتها إسرائيل ويكملها حلفاؤها من التكفيريين في سوريا والعراق وفلسطين مع دعائنا ان يتحمل زعمائهم مسؤوليتهم التاريخية لإنقاذهم وجودياً وأن لا ينخدعوا بالضمانات الدولية التي لم تنقذهم في سوريا ولا العراق وأن يروا الحقيقة لتحديد حلفائهم الحقيقيين من أعدائهم المضللين.... دعائنا أن تقوم قيامة هذه الأمة لتستعيد كرامتها وثرواتها وعزتها.
1\4\2015