عولمة التكفير والسيارات المفخخة.
د.نسيب حطيط
عندما طرحت فكرة العولمة بمستوياتها وقطاعاتها المتعددة ليتحول العالم إلى قرية كبرى لا تفصلها الحدود بعدما أسقطت ثورة الإتصالات ووسائل التواصل الإجتماعي كل الحواجزوالرقابة وأسقطت إتفاقية التجارة العالمية الحواجز الجمركية وغيرت قوانين الدول لتتلاءم مع الإجتياح الأميركي للعالم. وكان من ظواهر العولمة ظاهرة الإرهاب العالمي والتفجيرات العابرة للحدود للوصول إلى مرحلة عولمة الإرهاب والتكفير وفق المعطيات التالية:
- توسع ساحات التفجيرات لتشمل القارات الخمس وإن بنسب متفاوتة حيث لا زالت آسيا حتى الآن تتصدر قائمة الإرهاب والإنتحاريين وخاصة منطقة الشرق الأوسط (العربي)
- ظهور شريحة الإنتحاريين المتعددي الجنسيات العربية والأوروبية والباكستانية والشيشانية وغيرها وعدم حصر هوية الإنتحاريين بالعرب خاصة الخليجيين وإنخراط النساء في التفجيرات الإنتحارية.
- تعدد وسائل الإنتحار الإرهابي من السيارات المفخخة إلى الأحزمة الناسفة والدراجات النارية واستعمال المواد الكيماوية وتفجير القطارات والباصات مع توقعات بتوسعة مروحة الأهداف والوسائل.
- عولمة تعليم التفخيخ وصناعة المتفجرات وإعطاء التعليمات بواسطة الشبكة العنكبوتية (الإنترنيت) والفايسبوك وتويتر وغيرها مما سهل على الإرهابيين ورعاتهم قيادة المجموعات الخلوية حيث صارت غرف العمليات الأمنية الإرهابية لا تقتصر على غرف أجهزة المخابرات بل يمكن لأي أمير او شيخ أن يصبح قائد عمليات إرهابية من غرفته في أي بقعة من الأرض.
- تعميم فكرة "العدو الكافر" وفق إيديولوجيا تكفيرية تشكل الحافز العقائدي للإنتحاريين لاعتقادهم بأن ما يفعلونه هو في سبيل الله ،إنما الحقيقة في أكثرها دون قصد أو بقصد في سبيل أمن إسرائيل ومصالح أميركا وحلفائها وأدواتها.
السيارات المفخخة تظهر في كل الساحات العربية والإسلامية لكنها لم تظهر حتى الآن في فلسطين المحتلة ولا في أوروبا أو دول الخليج..... والسؤال هل ستبقى هذه الساحات آمنة وبعيدة عن السيارات المفخخة والإنتحاريين.
الوقائع الميدانية والتجارب السابقة تاريخياً ودينياً تؤكد أن من يزرع الشر ويصنعه لا بد أن تلفحه نار القتل عقاباً له، ومن يستأجره الغرب لقتل إخوانه في الدين أو المواطنية كجاسوس أو عميل سواء كان صاحب لحية أو أمير أو ملك فسيتخلى عنه أسياده كما تخلوا عمن قبله من شاه إيران إلى الحمدين إلى مبارك إلى بن علي وكما تخلى العدو الإسرائيلي عن عملائه في لبنان (جيش لحد) وكما تخلى الأميركيون والبريطانيون عن عملائهم في فيتنام والعراق وكما تخلى الإسرائيليون عن عملائهم في غزة وعندها سيتحرك بعض "التكفيريين" بردة فعل إنتقامية ضد من أرسلهم إلى حفر الموت في سوريا والعراق ولبنان وسيرفعون شعار الإنتقام من الأنظمة والحكام ومسؤولي المخابرات .
ويمكن أن تستعملهم أجهزة المخابرات لتفجير الأنظمة في بلادهم عندما تشعر بأن مصلحتها تستدعي ذلك فمن سيمنع السيارات المفخخة من الوصول إلى اسطنبول وأنقرة والداخل التركي بعدما اقتربت من معبر باب الهوى و أطمة !!
من يمنع الإنتحاريين من التجول في السعودية إنتقاماً من قوانين سجنهم أو تنفيذاً لما تخططه أميركا خاصة وأن النفط السعودي كما العائلة المالكة صارت في عمر الشيخوخة؟
ويتساءل البعض هل أن محور المقاومة والممانعة أنظمة ومخابرات ومقاومة عاجز عن القيام بتفجيرات في ساحات الخصوم ؟
والجواب أن محور المقاومة يمتلك الإمكانيات والقدرات على التنفيذ بضربات عنيفة في ساحات الخصوم في تركيا والخليج وأوروبا لكنه يمتنع عن ذلك لسببين:
- عقيدته الدينية التي تمنعه من قتل المدنيين.
- منع الفتنة وإطفاء النار لإعادة البوصلة إلى إتجاهها الصحيح ضد العدو الإسرائيلي والغزاة متعددي الجنسيات.
لكن في لحظة ما وعندما تتجاوز وقاحة الآخرين الخطوط الحمر التي تهدد وجود المقاومة وحلفائها فإن الرد سيكون موضعياً في أماكن حساسة على المستوى الأمني والعسكري دون إلحاق ضرر بالمدنيين، ومن ينقل المعركة إلى جوار السفارات والقنصليات الإيرانية في لبنان واليمن وباكستان والعراق عليه أن ينتظر الرد بالمثل وهو لا يستطيع المنافسة او التغلب.
ماذا لو إنقطعت الكهرباء وتعطلت محطات تحلية المياه في بعض الدول ؟
ماذا لو تعطل تصدير النفط سواء من آباره أو في ناقلات النفط لبعض الدول ؟
ماذا لو بدأ قطع الطرق الصحراوية بين المدن في بعض الخليج ؟ !
البعض رشق الآخرين بالإنتحاريين والسيارات المفخخة وبيته من زجاج وأوهن من بيت العنكبوت فمن سيحميه إن لم يعد إلى رشده ؟
السيارات المفخخة والإنتحاريين العابرة للحدود في مرحلة التهيؤ وسترجع مع المهاجرين التكفيريين بعد عودتهم من سوريا وستنفجر في طريق العودة على كل المسارات من تركيا إلى الخليج إلى أوروبا ولن تمنعها لا قوانين الإرهاب ولا إقفال الحدود ،فلقد تغلغلوا في كل الدول التي أرسلتهم وقريباً ستنتقل "إنفلونزا السيارات المفخخة" إلى ديار الخصوم وكما كانت تجربة الإفغان العرب ستتكرر تجربة (السوريين المتعددي الجنسيات) ومن أرسل التكفيريين لقتل الشعب السوري واللبناني سيتذوق طعم الموت الذي أرسله بعناوين ديمقراطية وحقوق الإنسان وسيفجر في بلادهم (ديمقراطية الإرهاب والسيارات المفخخة.)