عيــد المقاومــة والتحريــر والثــورات العربيــة
د.نسيب حطيط
حققت المقاومة اللبنانية في25 أيار2000 أول إنتصار على العدو الإسرائيلي منذ حرب تشرين1973مع إختلاف جوهري،فهي حركة مقاومة شعبية وليست جيشا نظاميا،حررت الأرض بدون مفاوضات أو تنازلات أو شروط كما جرى في إتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة.
وفي15أيار 2011 وعلى مشارف العيد الحادي عشر للمقاومة والتحرير، أعادت قوى المقاومة والممانعة سيناريو عام2000عندما اجتاحت مسيرات المدنيين المعابر الحدودية(لجيش لحد)وسرعت إنهيار منظومة جيش لبنان الجنوبي،وأربكت القيادة الإسرائيلية وظروف إنسحابها تحت الشعبي ، وفي مشهد متكرر وبث تجريبي تحركت قوافل العائدين الفلسطينيين الى المنافذ الحدودية في لبنان وسوريا وفلسطين والأردن ومنعت في مصر ، لتؤكد أن سلاحا جديدا أضيف إلى اسلحة المعركة العربية-الإسرائيلية الشاملة بعنوان (إنتفاضة اللاجئين) أو إنتفاضة الخارج لتتكامل مع إنتفاضة الداخل لزيادة الضغط على الكيان الصهيوني حتى شهر أيلول موعد المطالبة بالإعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
إن أحداث(15أيار)الفلسطيني تميزت بثلاثة مشاهد إستثنائية:
- فتح جبهة الجولان السورية ولأول مرة منذ العام1973 كرسالة سورية لتجاوز الخطوط الحمر وهدم الستاتيكو القائم دفاعا عن الإستقرار الداخلي السوري ،وإستدراج إسرائيل وأميركا إلى ساحة المعركة لإرباكهما ردا على تدخلهما وهذا ما كشفه عبد الحليم خدام في الإعلام الإسرائيلي.
- حرارة الجبهة اللبنانية في مارون الراس حيث أن عدد الشهداء والجرحى يوازي عدد الشهداء في سوريا وفلسطين وإعادة الروح الجهادية غلى المخيمات التي لم تقدم منذ عشر سنوات أي شهيد ضد إسرائيل بل اكتفت بتشييع قتلى الإشتباكات الداخلية ،وهذا ما لدائرة المقاومة بدل استنزافها داخليا أو توظيفها في الداخل اللبناني في أي فتنة مقبلة.
- تلكؤ(الإخوان المسلمين)في مصر والأردن وكذلك في سوريا عن الحراك باتجاه فلسطين مما يثير الإستغراب والدهشة ،فإذا كان تبريرهم في السابق منع نظام مبارك لهم ،فأي حجة لهم الآن ،أم أنهم يبعثون برسالة تطمين إلى أميركا بإستعدادهم للسلام مع إسرائيل في حال حصولهم على السلطة ،خاصة وأن حركة حماس وبعد المصالحة مع فتح بدت(مربكة)بين الاحتفاظ بثوابتها وبين تعلم مصطلحات جديدة(القوة)بديلا عن المقاومة (والفرصة للمفاوضات)و(دفع كل الأثمان)من أجل المصالحة.
إن المقاومة اللبنانية أثبتت قدرة الشعوب على تغيير الواقع سواء بمواجهة الأنظمة الديكتاتورية أو على مستوى مواجهة المحتلين في فلسطين والعراق وأفغانستان وأن ما تقوله أميركا أو إسرائيل وحلفائها ليس(قدرا)لا يمكن إسقاطه ،وأن البندقية والقبضة السلمية يشكلان دائرة الممانعة والصمود فالبندقية تحمي القبضة العارية ،وتحفظ توازن الردع المتبادل .
لكن المقاومة تعيش حالة تشويه السمعة ،باتهامها باغتيال الرئيس الحريري، وتعيش الحصار المذهبي و تآمر شركائها في الوطن وهذا ماكشفته وثائق ويكيليكس والتحريض الدنيء الذي مارسه بعض اللبنانيين ،بالإضافة لإرباكات المشاركة في السلطة وحفظ المعادلة الصعبة بين(الثورة والدولة)وبين مطالب الناس المعيشية والقدرة المحدودة على إيجاد الحلول، ومطالبة المقاومة بحل المشكلات الإجتماعية والسلوكية، وكأنها الوحيدة المسؤولة عن المجتمع المثقل بالأعباء ، ولا يتحرك أحد لمساعدتتها ،وان حاول مساعدتها ،فإنها تمنعه كما في البلديات والمنظمات المدنية و النقابية ، بسبب ثقافة العمل الحزبي الضيق مع وجود الكثير من الوطنيين والذين يدعمونها ويؤيدون مشروعها المقاوم والوطني .
إضافة لكل ذلك تتعرض المقاومة وغلافها الحزبي لظاهرة الوصوليين والإنتهازيين والتجار كما في كل ثورة أو حركة تحرر الذين يتاجرون بتضحياتها و بعض ممثليها تحولوا (رجال اعمال ومستثمرين مفلسين!!.
المطلوب منا ومن أولياء المقاومة، إعادة ممارسة النقد الذاتي للإصلاح حتى لا تصبح المقاومة كالأنظمة الحاكمة مصابة بالفساد وعدم الشفافية وانعدام الرقابة أو الإنشغال بالمواجهة دون الإلتفات لجمهورها وحاجاتهم الطبيعية المعيشية حتى لا نصل إلى لحظة الإنفلات أو الإنقلاب أو إستغلال الخارج لتفجير أنبل ظاهرة في الأمة.