قطر وإسقاط النظام العراقي
د.نسيب حطيط
تشكل قطر نموذجا فريدا من التناقضات السياسية والسلوكية،والتناقض الإستفزازي بين الأقوال والأفعال، فهي مع الديمقراطية والتعددية السياسية من بوابة الوراثة العائلية للحكم عبر الإنقلاب على(الأب الحاكم) و مع حكم الأكثريات المذهبية ضد الأقليات من بوابة المذهبية بعيدا عن الديمقراطية، ولهذا بدأ رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بعملية إسقاط النظام العراقي بتبرير عدم مشاركته بالقمة العربية ببغداد نصرة لأهل السنة،في العراق ضد الحكم الشيعي، وألحقه بإستدعاء طارق الهاشمي المتهم قضائيا بدعم الإرهاب ، وقبل تبيان خطأ أقواله ... نسأل معاليه ألم يكن الشيعة في العراق تحت حكم(صدام)خارج الحكم والإنماء والمواطنة مع أنهم يشكلون الأغلبية السكانية،ألم يكونوا في السجون والمنافي أو محاصرين في الأهوار .. فأين كانت نخوة وديمقراطية حمد بن جاسم، ونسأله أليس الأخوة السنة شركاء في الحكومة والمجلس النيابي والمنظومة السياسية والإدارية في العراق شأنهم شأن شركائهم الشيعة ، ونسأله أيضا أليس من العدالة تعميم نظرياته على الخليج العربي،ليكون الحكم في البحرين للأغلبية الشعبية،مع أن هذه الأغلبية لا تسعى لذلك بل تسعى إلى الحد الأدنى من المشاركة السياسية والإقتصادية وحفظ حقوقها التي صادرها(آل خليفة)ومنحوها للمجنسين المرتزقة!
الوزير القطري بالتعاون مع السعودية يسعون لتسليح المعارضة السورية ،بينما المعارضة البحرانية تستمر سلمية رغم قمع النظام ،ولم يرها القطري وقناته الفضائية(الجزيرة) بل يصرح من الجامعة العربية أن ثورة البحرين ليست ثورة شعبية لأنها(مذهبية)وأن شهدائها لا يتعدون الأربعة فقط، والوقائع تكذب ذلك ،إلا أن الوزير القطري يصر على إغماض عينيه عن البحرين وعن المناطق الشرقية في السعودية، ألا يعرف الوزير القطري أن الشيعة في السعودية لا يتمتعون بحقوق المواطنة وحرية المعتقد والدخول إلى الوظائف العامة وحتى مكبرات صوت مساجدهم وحسينياتهم تمنع عن مآذنها ، ألم يسمع بشهداء الإنتفاضة الشعبية في القطيف والعوامية؟
إن رفع الشعار المذهبي لإشعال الفتنة المذهبية بأوامر أميركا وحلفائها في أكثر من بلد عربي وإسلامي، والتي استطاع العقلاء من الطائفتين إخمادها بإذن الله سبحانه،لن يستطع ملك أو أسير إشعالها مهما تكدست أمواله ومهما صرخت قنواته الفضائية التي سكتت مع وأميرها من إستنكار أو إعلان مداهمة الشرطة الفرنسية لمكتب الجزيرة في باريس لمصادرة وصية(محمد مراح)الذي قتلته فرنسا عقابا له وإخفاء للحقيقة من أجل الإنتخابات الفرنسية.
لقد ظهرت قوة قطر الحقيقية عندما عجزت عن تأمين تأشيرة دخول للشيخ يوسف القرضاوي ،ولم تستطع حمايته من الهجوم الإماراتي عبر قائد شرطة دبي ضاحي الخلفان فمن يعجز عن تأمين فيزا سياحية لفرنسا لا يستطيع إسقاط نظام أو قيادة أمة!
المشكلة أن قادة(قطر العظمى)يعيشون إرهاصات الفشل والعقاب الأميركي -الفرنسي لهم لفشلهم بتحقيق ما تعهدوا به من إسقاط النظام السوري وتوحيد المعارضة السورية لخدمة المشروع الأميركي، ولا بد أن يدفعوا الثمن اشخاصا أو دولة ،خاصة وأن سوريا صمدت وتوسع محور حلفائها إقليميا ودوليا،وها هو العراق يعود إلى موقعه ودوره العربي والخليجي والذي يعرف الخليجيون ، أن المارد العراقي كفيل يحجب الفقاعات السياسية الخليجية، والتي ستعود إلى حجمها الطبيعي ،ولن ينفعها محاولات اسقاط النظام في العراق بعد فشلها في اسقاط النظام السوري بعنوان دعم الديمقرلطية، لكن الحقيقة ان قطر وانصارها من التكفيريين والقاعدة يعملون لإسقاط النظام لأن بشار الأسد علوي المذهب كما قال اردوغان الديمقراطي ،وتسعى معه لإسقاط المالكي وحكومته لأنه شيعي !
إن رفع الشعارات المذهبية أو الطائفية أو القومية،يساهم عن قصد أو غير قصد بتفتيت هذه الأمة وتجزئة الأوطان العربية ويخدم المشروع الأميركي-الإسرائيلي لكن المقاومين الوطنيين والشرفاء في هذا الوطن العربي سينتصرون على المؤامرات بالإصلاح والنقد الذاتي ومقاومة المستعمرين الجدد او القدامى.