يعيش الأقصى كرمز مقدس،وكحصن من حصون القضية الفلسطينية مرحلة السقوط،ولحظات الاغتصاب اليهودي، قربانا ضروريا لولادة الدولة اليهودية المزعومة، ويقتل الأقصى وفق منهجية القتل البطيء والعلني،و تضيع استغاثة حراسه الفلسطينيين المحاصرين،في خضم المعارك بين المسلمين أنفسهم، وبين أزيز قذائف المحتل من الصهاينة في فلسطين والأميركيين في العراق وأفغانستان والصومال،تقتل غزة ببطء،بالقصف والحصار الصهيوني،والتأمر الفلسطيني اللاهث وراء التعليمات الأميركية والإملاءات الصهيونية وحصار(الأشقاء)العرب القريب منهم والبعيد ويمنع الخبز عن غزة لتموت جوعا،ويقتل الأقصى قضما للشوارع والأحياء والمنازل،وصولا حتى باحاته وقاعات الصلاة.
يشعل الأميركيون الفتنة الإسلامية بين الأنظمة وشعوبها، وبين المذاهب في العراق،وبين النظام ومواطنيه في اليمن الذين يقتلون بالطائرات والمدفعية بعنوان حفظ النظام، حيث يطلق عليهم صفة(الحوثيين) للتغطية عن المعركة الحقيقية وهي اختلاف المذاهب،وفي العراق تستولد منظمات الذبح باسم الإسلام.
القدس أولى القبلتين، والمفارقة الغريبة أنه في مكة يمنع المسيحي من المرور في الأرض المقدسة حتى لو كان مسالما تطبيقا للشريعة،وفي الأقصى يدخل الصهاينة بأحذيتهم وبنادقهم ومجنداتهم،وتحفر الأنفاق لهدم المسجد، والبعض يكتفي بالدعاء على المحتلين،ويمنع الدعاء للمجاهدين.
النخوة العربية لا تصرخ إلا بوجه معارضيها أو بوجه حركات المقاومة،المال للأمراء والأميرات في الفنادق وسباق الهجن ، والجيوش للأعياد الملكية أو لسحق الجائعين،الفتاوى لإنجاح مباريات كرة القدم واسكات الفقراء، الإستنفار لمنع الكتب أو الفضائيات لبعض المذاهب،والأبواب مفتوحة الذراعين للإعلام الصهيوني والأميركي.
الخوف من سلاح نووي إيراني لم يولد بعد،والأمان من سلاح نووي إسرائيلي،يجاور الحدود العربية....البيانات الخجولة،والنداءات الفارغة،والسبات المهين للشعوب والأفراد،الكل يتقاذف المسؤولية، بينما المسؤولية على كل عربي ومسلم في كل ارجاء العالم.
فالأقصى ليس فلسطينيا فقط،ولا لأهل القدس فقط وليس مسؤولية المقاومين الفلسطينيين فقط،إنه أولى القبلتين للمسلمين،الأقصى ليس سنيا ولا شيعيا،إنه صخرة الإسراء والمعراج للرسول الأكرم(صلعم) وهو كنيسة قيامة للسيد المسيح(ع)،أفيال أبرهة تعود من جديد لهذا الأقصى،والعرب والمسلمون يتناحرون ،كل نظام تشعل ساحاته بالفتن الداخلية، بتحرض اميركي،أعداد بلا قيمة وشعوب تأكل وتنام وتسهر على المسلسلات العربية،لم يعد الكلام يوقظ(الأحياء)الموتى،لم تعد دماء الأطفال المسفوكة ظلما،تثيرالنخوة والرجولة والشهامة،صار الموت الفلسطيني اليومي،سيمفونية ينام على أ نغامها المتخاذلون الأذلاء، شعوب ضعيفة ذليلة،تنام كالقطعان تبحث عن الكلأ الأدمي.
أيها المسلمون....الأقصى يناديكم،يستغيث لأجلكم وليس من أجله، إن سقط الأقصى،سقطت مقدساتكم ومحرماتكم،وأي حرمة لنظام أو شعب أو فرد.
كان العرب في الجاهلية ،يثأرون للعرض بعنوان الشرف،وبعضهم لازال في ثأره،فكيف وشرف القدس يغتصب كل يوم من الصهاينة،ولا يثار أحد لكرامته ولشرفه...فأين شرف الإسلام....شرف العروبة والوطنية...؟!.
يصرف البعض على الجواري،أكثر مما يصرف على حماية القدس وحراسها المقدسيين، السلطة الفلسطينية تطارد المقاومين ،إحترامالاتفاقات أوسلو وتنفيذا لتعليمات دايتون،وتتنقل بالتصاريح والحراسة الإسرائيلية،ولا تحمي القدس،فإن لم تكن تريد القتال والمقاومة،فلتترك المقاومين يصلون للمحتل،وإن عجزت عن إطلاق الأسرى من سجون الاحتلال،فلتطلق الأسرى من سجونها.
البعض اتهم المقاومة في لبنان بأنها(مغامرة)لأنها دافعت عن أرضها وأهلها،ويسكت الآن عن تهويد القدس وتهويد فلسطين،ويكافئ الصهاينة على ذلك،بالتطبيع والإفطارات الرمضانية،واللقاءات السرية لفتح الأجواء العربية ولضرب الجمهورية الإسلامية في إيران،ويعلن الحرب بتحريض أميركي على(الشيعة العرب)إما بالسيارات المفخخة،أو بالطرد بحجة تأييد المقاومة،أو تهديد النظام كما في اليمن،ومرة اخرى على (السنة العرب)من حماس والجهاد وفصائل المقاومة، بحجة التعاون مع إيران وسوريا،وكل ذلك باسم الدين لكن الحقيقة أنهمضد كل مسلم مقاوم،سواء كان سنيا أو شيعيا، ومع كل مسلم يرفع رايات الاستسلام والإذعان،بحجة عدم القدرة على القتال،وحفظا لمصالح الشعوب.
ذهب السادات مستسلما، بحجة توفير الأمن والعيش الكريم لشعبه و بقيت سوريا ثنائي المقاومة مع مصر في الماضي،وبعد ثلاثة عقود،صامدة وحاضنة للمقاومة، وصارت تبيع القمح الفائض، في إطار منهجية الإكتفاء الذاتي للتغلب على العقوبات والحصار،ولا ترزح تحت الديون،ولا المساعدات الأميركية،وصار الشعب المصري يأكل الزرع المروي بالمياه المبتذلة ،وينتظر الموت من انهيارات الأحياء القديمة المتهالكة،بدل الشهادة موتا،تحت القذاف في بورسعيد والسويس.
فتحت مكتبات القاهرة أمام الكتب الإسرائيلية،وقناة السويس امام الغواصات الإسرائيلية ،طمعا بأن يتكرم الإسرائيلي ،ويفتح أبواب منظمة(الأونيسكو)أمام وزير الثقافة ،الداعي للتطبيع،فكانت النتيجة إذلالا لمصر وللعرب باسقاطه.
الظاهر أن العرب قد دخلوا في (كـوما) الذل والهزيمة ويلحقهم أكثر المسلمين في هذا الطريق.
سقطت كل آيات الجهاد والعزة،وصارت الصلاة طقسا رياضيا فارغا،لا تنهي عن المنكر،ولا تأمر بالمعروف،وتحول رجل الدين إلى (عقار مهدىء) تستخدمه الأنظمة ليتلو الخطب المكتوبة من أجهزة المخابرات،و ليعلن فضيلة الدعاء الشكلي،والتسبيح الصامت،والركوع الميكانيكي ولم يجد البعض في سنة رسول الله(صلعم)إلا عباءة قصيرة،ولحية مرسلة،وشوارب محفوفة،ولم يقرأ مقاومة الرسول(صلعم)في أحد،وفي الخندق وفتح مكة،لم يقراء عن جراح الرسول(صلعم) في الغزوات والجهاد دفاعا عن دين الله،وعن المسلمين وعن مقدساته وعن كتاب الله الكريم،صارت المساجد(مكيفة)حتى تطول النوافل،وصارت الجوائز من نصيب المصلين الذين يرتادون هذا المسجد أو ذاك.
مازال المسلمون يتقاتلون على الخلافة،ولا يقاتلون لتحرير الأقصى قبلة المسلمين،ولا يقاتلون عن مدينة(خليل الرحمن).
نختلف على كيفية الوضوء،ولا نتفق على مقاتلة العدو المشترك الذي اغتصب الأرض الإسلامية والعربية،تعقد الاتفاقات مع العدو الإسرائيلي والأميركي،وتقطع العلاقات مع المقاومين،لينشر البعض السلاح من أجل الفتنة ويمنع السلاح من أجل المقاومة.
سقوط الأقصى إدانة للأنظمة،للشعوب،للأحزاب،للعلماء، للمثقفين ،للأفراد لا يمكن لأحد أن يعفي نفسه من مسؤولية الشراكة في اغتصاب القدس،لا مبرر لأحد مهما كانت قدراته ضعيفة ،فمن لا يستطيع القتال،يستطيع النصرة بالمال والموقف،يستطيع النصرة بالإعتصام،بالمظاهرات،بالتكبير على سطوح المنازل في الشوارع في المساجد في الساحات.
أيها المسلمون إن سقط الأقصى،سقط إسلامكم،وسقطتم أنتم،وسقطت مكة والمدينة،والنجف وكربلاء،وكل مقامات أئمتكم وعلمائكم والصالحين،نبشت قبور موتاكم،ونشرت عظامهم لتبنى بها مداميك (هيكل سليمان)المزعوم.
إن سقطت القدس،سقطالحجاب والبرقع عن وجوه نسائكم و وتخلعت أبواب غرف الحريم المصانة.
عندما يدوس الجندي الصهيوني بحذائه على سجادة الأقصى،فإنه يدوس على سجاد كل مسجد في هذا العالم الإسلامي.
الأقصى وأهله الصامدون ينادون هل من ناصر...هل من مسلم يسمع ......و يجيب.....
الإنتظار والدعاء لا يحرر أرضا.....بل بنادق المقاومة ودماء الشهداء فبادروا حتى تكونوا الأحياء.
( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) صدق الله العظيم