لتدمير السلاح التكفيري قبل جنيف 2
د.نسيب حطيط
بدأ الغزو الأميركي للعراق بحجة تدمير سلاح الدمار الشامل "المزعوم"، وتم غزو أفغانستان للقضاء على سلاح "الإرهاب" المتمثل بطالبان والقاعدة وتم توقيع الإتفاقات الدولية وخاصة بين أميركا وروسيا حول تحجيم وتدمير السلاح النووي والكيمائي والبيولوجي وغيرها من الأسلحة الفتاكة .
لقد اتفق الروس والأميركيون بموافقة سوريا على تدمير السلاح الكيماوي السوري وبدأ التنفيذ بشكل قياسي وإيجابي لأن هذا السلاح يهدد أمن العدو الإسرائيلي ويهدد أمن الغربيين والأميركيين إذا وقع في أيدي الإرهابيين التكفيريين، ولو أن هذا السلاح يهدد الشعوب العربية والإسلامية فقط لما تحركت أميركا والغرب ومجلس الأمن لتدميره فالأميركيون وحلفائهم الغربيين لا يتحركون إلا إذا تهددت مصالحهم وأمنهم القومي.
استولد البريطانيون "الفكر التكفيري" منذ أكثر من مائتي عام عبر الفكر الوهابي الذي ظهر كإسلام يبتغي التوحيد وتطهير الإسلام من الشوائب فكانت نتائجه إبادة الأثار الإسلامية وغسل الأدمغة وتلقيحها بفكر ساذج ومسطح، أفرغ الإسلام من جوهره ومضمونه الإنساني والفكري والسلوكي، وأعقبت هذا الفكر نسخة جديدة تلبس البدلة وربطة العنق في أوائل القرن العشرين عبر جماعة الإخوان المسلمين والذين أطلقوا مصطلح (الجاهلية الحديثة)، على المجتمعات الإسلامية واتخذوا العنف والإغتيالات طريقاً لنشر أفكارهم بدل الحوار والموعظة الحسنة.
بعد الغزو السوفياتي لأفغانستان بدأت محنة الإسلام الحقيقية عندما استولد الأميركيون والماسونية العالمية "الفكر التكفيري" الذي يدمر من يحمله إبتداء ، ثم ينتشر هذا الوباء ليصيب مجتمع الذين يعيشون فيه وينتقل بالعدوى والتآمر إلى المجتمعات الأخرى بعنوان خادع هو الجهاد في سبيل الله عبر قتل المسلمين وتخريب الدول ومصادرة الثروات وإشعال الفتن المذهبية والطائفية والقومية والأسوأ من كل ذلك هو تحريف الفكر الإسلامي ليصبح الزنا طريقاً للجهاد وتحرير الشعوب وصولاً للعدالة الخادعة ...ويصبح القتل وسفك الدماء طريقاً لنشر الدعوة الإسلامية ... والأكثر خطورة أنهم يعلنون إتباع السلف الصالح وسنة نبيه (ص) لكنهم يقومون بما لم يفعله الرسول الكريم (ص) ولا الخلفاء من بعده ولا الصالحين ... فرسول الله (ص) لم يكفر أحداً حتى من جاهره العداء فتعامل معه باللين والرحمة وبعد فتح مكة قال لأعدائه الكفار "إذهبوا فأنتم الطلقاء" !!
لم يقتل مسلماً .... وقاتل من أجل أن يتعبد الناس ويؤمنوا بالإسلام وبالله سبحانه وتعالى ولم يقتل كافراً نطق الشهادتين حتى لو كان كاذبا أو مخادعا فله الظاهر والله سبحانه يحاكم على الباطن.. فكيف يقوم التكفيريون بقتل المسلمين الذين يصلون ويصومون وهم من أهل السنة والجماعة وداخل المساجد ؟!
الفكر التكفيري سلاح الدمار الشامل ،إنه أخطر من السلاح النووي الإسرائيلي وأخطر من الكيماوي والأسلحة البيولوجية وأخطر من الغزو الأميركي أو الإحتلال الإسرائيلي يدخل كل بيت ويسيطر على الإنسان فيجعله آلة متحركة للقتل والتكفير وهي لا تعلم بل الأسوأ أنها تظن فعلها عمل صالح تدخل فيه الجنة عبر ذبح الأبرياء وإغتصاب النساء وتدمير المساجد والكنائس!
لا بد من البدء بحصار الفكر التكفيري لإنقاذ حامليه أولاً وإنقاذ الإسلام من التلوث الفكري واستنقاذ الإنسانية من هذا الفكر العنصري المنحرف.
لقد شهد التاريخ فكراً عنصرياً تمثل بالنازية الإلمانية والفاشية الإيطالية والتمييز العنصري في جنوب أفريقيا والعنصرية الصهيونية في فلسطين وتصدت الأمم المتحدة والرأي العام الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لمحاربة هذا الفكر ورعاته والذين ينشرونه في العالم... فهل تبادر الهيئات الدولية والمؤسسات الدينية الإسلامية من الأزهر الشريف إلى قم إلى النجف إلى جميع المؤسسات الفكرية والثقافية والإعلامية للبدء بمحاصرة هذا الفكر المتوحش والعنصري الذي أشعل الساحات العربية وأطفأ الأنوار وطعن الإسلام وحاصر كل إبداع وثقافة وفن ويريد تعميم التخلف والجاهلية المخططة أميركياً وصهيونياً والممولة من بعض الخليج العربي لتدمير الأمة من الداخل ولا بد من البدء بمحاصرة هذا الفكر وقتاله عبر تجفيف منابع التمويل وعدم تسهيل إنتشاره الإعلامي والثقافي عبر إنماء البلدان الفقيرة وتقاسم ثروة الأمة من النفط وغيره وعدم تبديدها في الملذات وومشارع المنشآت الأولومبية وجيوب الملوك والأمراء او البنوك الأميركية وشركات تصنيع السلاح بواسطة صفقات التسليح الوهمية ،وإن لم تبدأ هذه الإجراءات قبل مؤتمر (جنيف 2) فلا معنى للحل السياسي تحت ظلال الفكر التكفيري الذي أنهك مصر في السبعينات التي بدأ فيروس التكفير فيها وانتقل إلى الجزائر وارتكب المجازر فيها ثم إلى أفغانستان والعراق حيث يوغل الوحش التكفيري في دماء العراقيين قتلاً ضمن حملة إبادة منظمة وجريمة حرب مستمرة وانتقل إلى سوريا وها هو يصل إلى تونس وليبيا ... فهل ينتظر البعض في الغرب والعرب أن يصل وباء التكفيريين وأسلحته ومجازره إليهم حتى يتحركوا ... والوحش التكفيري يتحرك ويجتاح الساحات وإذا لم يبادر الجميع لتنظيم حملة عالمية ضد التكفير وإصدار قرارات دولية وفتاوى من المؤسسات الدينية المرموقة لإصدار القرارات بإعتبار التكفير عملا عنصريا يوجب المعاقبة على من يصدر أمراً بالتكفير.
إننا نعتقد أن محرقة التكفير ستشعل كل الساحات والدول عاجلا أم آجلا .. ولن يستطيع أحد إطفاء النار بعد إشعالها ...فهل يبادر العقلاء والمؤمنون الحقيقيون للتصدي لهذا الوباء التكفيري.