ليبيا المجزرة المستمرة د نسيب حطيط
أشعلت أميركا العالم العربي (بربيعه الدموي) تحت عنوان نشر الديمقراطية، كعنوان عام أو تحت عناوين مذهبية بين السنة والشيعة (سوريا، العراق)، أو بذريعة التمدد الإيراني (لبنان واليمن والبحرين)، وتمَّ تكليف دول الخليج الثلاثة: (السعودية – قطر – الإمارات) بتأمين مصارفات، وتمويل الجماعات التكفيرية، والأطراف السياسية لتخريب وتقسيم الدول وإسقاط الأنظمة.
لكن برزت ثلاث أمثلة واضحة كذّبت الشعار الأميركي، وخاصة السعودي والتركي وحلفائهما بأن المعركة ضد إيران وضد الشيعة في العالم العربي، ففي مصر لا دور للشيعة وإيران بل صراع بين الإخوان المسلمين، وخصومهم في الداخل، وبين السعودية وتركيا من الخارج، وكلهم يدورون في الفلك الأميركي، وفي تونس لا شيعة ولا إيران إنما حركة النهضة الإخوانية، والنظام القديم – الجديد، وكلّهم في الفلك الأميركي، أما في ليبيا فلا شيعة ولا إيران، ومع ذلك مجزرة مستمرة بحق الشعب الليبي منذ حوالي سبع سنوات ولا أفق لحلَّها، فكل الأطراف التي تتقاتل هي في الدائرة الأميركية أو الغربية (فرنسا)، أو العربية (الإمارات – قطر..) أو التركية، ومع ذلك لم تتوقف الحرب ولم يتوقف تدمير ليبيا مع أن مفاتيح الأمور بيد أميركا مباشرة، أو غير مباشرة، فلماذا تستمر الحرب الأهلية الليبية إذاً؟!
لا بد من نفي أي جواب متعلق بتأمين مصلحة الشعب الليبي، ووحدة ليبيا وسيادتها لا بد من نفي أي جواب يتعلق بحماية النفط والثروات الوطنية الليبية ..
لا بد من نفي أي جواب يتعلق بحقوق الإنسان في ليبيا أو مصلحة ليبيا ..
يبقى الجواب العملي أن الحرب ستستمر، وستبقى حتى تأمين الأهداف الأميركية والغربية في ليبيا والشمال الأفريقي، والتي تتمثل بالتالي:
وضع اليد على النفظ الليبي، وثروات ليبيا من الغاز وغيرها.
استعمار ليبيا مجدداً نظراً لموقعها الجيو سياسي قرب مضيق جبل طارق للتحكم بالمنطقة.
استعمال ليبيا كمنصة لتفجير دول شمال أفريقيا، وخاصة الجزائر التي لا تزال خارج الفلك الأميركي، وخارج منظومة التطبيع مع الكيان الصهيوني .
التحكم بالإستثمارات الصينية في أفريقيا عبر تجميع الجماعات التكفيرية، ونشرها في أفريقيا عبر البوابة الليبية إلى النيجر، وغيرها لتهديد الصين ومقايضتها تجارياً تحت ضغط الأعمال الأمنية للتكفيريين في أفريقيا.
إطالة فترة الحرب وتخريب النسيج الاجتماعي والقبلي في ليبيا، وتدمير المؤسسات الرسمية وسرق كل المدخرات المالية المودعة في البنوك الدولية التي أودعها القذافي أو التي خبأها، والتي تقدَّر بمئات مليارات الدولارات.
تقسيم ليبيا عملياً إذا لم يعلن عن تقسيمها بشكل رسمي تحت عناوين فدرالية أو كونفدرالية، تحكمها القبائل المتناحرة ضمن مخطط تقسيم العالم العربي والإسلامي.
ويبقى السؤال الآخر ..لماذا لا زالت أميركا والغرب تحتفظ بسيف الإسلام القذافي وتؤمن له الحماية طوال سبع سنوات من الحرب المدمرة ولم تلق القبض عليه أو تحاكمه أو لم تبادر إلى اغتياله كما فعلت مع والده معمر القذافي؟ ولا تزال تحتفظ به مع أشقائه اللاجئين لأكثر من دولة... هل سيأتي اليوم وتعيد أميركا تنصيب سيف الإسلام القذافي رئيساً في ليبيا بعدما تكون كل أطراف الحرب قد أنهكت، وقتل زعماء القوى المقاتلة مهما كانت أسماؤهم، وتعيد بناء ليبيا تحت سلطة القذافي الموالي لأميركا، ويعمل لتحقيق خطتها مقابل الإمساك بالسلطة ... ويكون المثال الآخر لاستبدال الحكام بعد قطر والسعودية !!
طواحين القتل واللصوصية الأميركية – الغربية بأيد محلية تكفيرية متعددة الجنسيات والانتماءات والتبعية، ستبقى في ليبيا وتتوسع في الشمال الأفريقي، كما حصل في بلاد الشام (العراق وسوريا )، واليمن لأن أميركا لا تستسلم ويمكن أن تغير الخطط والأدوات، والوسائل لكن يبقى الهدف الرئيسي السيطرة على العالم بالقوة أو بالترهيب ومصادرة ثرواته بالقوة أو الابتزاز مقابل الحماية، حيث تبيع العروش للعائلات في أوطانها مقابل مصادرة ثروات الأوطان تبيع ما لا تملك، وتقبض ما لا تستحق من بعض الضعفاء العبيد برتب ملكية رئاسية وأميرية، ويمكن أن تبيع منابر الفتوى، فتصبح بعض الجماعات منابر لتشريع وإضفاء الشرعية على بيع القدس، أو قتل الأبرياء أو تقسيم الأوطان أو الصلح مع الصهاينة ...
ويبقى الأمل في الشعوب، ونهج المقاومة الذي لا يزال صامداً أمام المشروع الأميركي.