الإحتلال إلى زوال،مهما طال زمنه أو عظمت قوته،والنصر للشعوب التي تقاوم أو تصمد،والإحتلال قد يتحول إلى إستعمار طويل الأمد، سينهزم حتى ولو بعد مئات السنين،هكذا تاريخ الإحتلال وتاريخ المقاومة. والجنرال الأميركي ماكريستال،صرح ببحتمية الهزيمة للإحتلال الأميركي في أفغانستان،معلنا فشل الإستراتيجية العسكرية و سقوط تاريخ الإنسحاب عام2011،بصفته قائدا لقوات الحلف الأطلسي في أفغانستان،ليضم صوته إلى صوت المقاومين في أفغانستان بهزيمة الإحتلال عاجلا أم أجلا. لكن صرخة ميشال المدوية أصابت الرأس الأميركي بعينيه الإثنين السياسية والعسكرية،ففي السياسة تجرأ ضابط عسكري ولأول مرة بالتمرد على الرئيس وسلطته السياسية والتهكم وإطلاق الألقاب ليعلن خروجه عن الطاعة وكذلك الإنقلاب على القيادة العسكرية التي اتهمها بالإخفاق والخداع حول حقيقة الوضع الصعب ميدانيا وعدم قول الحقيقة للرأي العام. والحقيقة لا يقولها السياسيون في أميركا،فالشعار هو القضاء على حركة طالبان وبن لادن،والحقيقة هي السيطرة على ثروات أفغانستان من المواد الأولية والثروات التي اكتشفها السوفيات عند إحتلالهم لأفغانستان، وثمنها دماء الأفغان والأميركيين معا،بمعنى أن الديمقراطية جسر العبور إلى مصادرة الثروات وحريات الشعوب،كما هي الديمقراطية في العراق التي نهبت نفط العراق وكنوزه التاريخية . الجنرال ماكريستال يمثل المسمار الأوضح في نعش الإحتلال الأميركي ،والذي يؤكده رئيس(السي أي أي) ليون بانيتا بقوله (بأننا نخوض حربا أكثر صعوبة وبطئا مما كان متوقعا) ورئيس الأركان البريطاني يقول أنه من المستحسن التحاور مع طالبان سريعا). بعد تسع سنوات من الإحتلال والقتل والتدمير،يتجه الأميركيون والغرب إلى الحوار للإنسحاب لتأمين ة الشراكة في الثروات،تلك حكاية المحتلين والمستعمرين،عندما تفشل قوتهم بإخضاع الآخرين،يعودون للتفاوض لتحقيق الأهداف،خاصة عندما يكون حلفاؤهم من المواطنين والمتعاملين معهم ضعفاء مترددين وفاسدين،كما هي سلطة كرزاي في أفغانستان،وسلطة رام الله في فلسطين،وبعض القوى في لبنان والتي فضحها فيلتمان الأميركي بأمواله (الخيرية) وكذلك في العراق . والتاريخ يحكي أن الإحتلال يضحي بحلفائه في المفاوضات وبعملائه عند الإنسحاب لإنقاذ نفسه كما جرى مع جيش لحد في الجنوب،وكما ترك الأميركيون عملاؤهم في فيتنام وغيرهم من جيوش الإحتلال. والسؤال هل تكون تصريحات ماكريستال بمثابة الحجر في بحيرة الرأي العام الأميركي تتوسع دائرة تأثيراته لتفرض على أوباما الإنسحاب المبكر،أم أن الديمقراطية الأميركية الخادعة التي أقالت هيلين توماس صحافية البيت الأبيض بعد ستين عاما من الخدمة فأقيلت بعد اعتذارها وأقيل الجنرال المقاتل ماكريستال بعد اعتراضه على المجزرة المستمرة في أفغانستان والفشل المؤكد للإحتلال. لقد بدأ التصحر في النفوذ الأميركي على المستوى العالمي،رغم فرض العقوبات على الشعوب،وغزو الدول وإإحتلالها ،وتوزيع الأموال سواء للتخريب في إيران أو للتشويه في لبنان. هل يتعظ البعض في لبنان ويعود إلى رشده الوطني بعدما جرب منذ الحرب الأهلية كل التحالفات الخارجية الهجينة والغير وطنية فقد تعاون مع إسرائيل، واستدعى المارينز والفرنسيون لنجدته وتم دعمه بالمال والسلاح عربيا وغربيا،وفي النهاية انهزمتإسرائيل وخرجت،وقتل المارينز وانسحبوا،وتراجع الدعم العربي،وبقيت حقيقة واحدة،أن لبنان لجميع مواطنيه ضمن عيش مشترك و مصير واحد،فمن أراد أن يكون لبنانيا،فلتكن إسرائيل عدوه والعرب أشقاؤه،واللبنانيون أخوته وشركاؤه،لا غلبة لأحد على أحد،ولا تخوين لأحد ،وليتحد الجميع لبناء قوة لبنان التي تحميه والتي أثبتت جدواها،بعيدا عن المراهنات الخاطئة والعقيمة المبنية على قدرة الهيئات الدولية والقرارات الدولية لحماية المظلومين والضعفاء ،و التي لم تحمي أحدا في العالم بل كانت الأداة في حصار الهراق واحتلاله وكذلك في افغانستان وحصار غزة وفي لبنان وإيران وسوريا . فالمقاومة هي القادرة على إظهار الإعتراض والتمرد والتقهقر والإرتباك في صفوف المحتلين وليست مبادرات السلام التي تستجدي المن والراحة من الذئاب .