مجلـس الأمـن بيـن أم حسيـن وأم الفحـم
د.نسيب حطيط
أثبت مجلس الأمن الدولي ،بأنه إحدى دوائر الأمن القومي الأميركي وسقطت مصداقيته عندما تداعى لبحث حادثة العيادة النسائية في الضاحية الجنوبية ولم ينعقد لبحث الجريمة الإسرائيلية في قرية (أم الفحم) الفلسطينية المتزامنة معها.
والحديث عن إ نحياز مجلس الأمن والمؤسسات الدولية،وخضوعها للسياسة الأميركية وحلفائها صار من البديهيات ،ولأننا في لبنان نعيش إرهاصات التسييس للمحكمة الدولية وتحقيقاتها المزورة ، باتهام سوريا،وتحويل الإتهام للمقاومة و بعدها للطائفة المحتضنة للمقاومة وفق تصريحات النائب علوش أحد قيادي المستقبل (إن المشكلة ليست المحكمة بل المذهب المسلح أو الطائفة المسلحة )،وحتى لا يكون كلامنا ظنيا بلا سند ،فإننا نورد واقعتين ، اولاهما مجزرة (مخيم جنين) عندما ارتكبت إسرائيل مجزرتها الجماعية والتي وصفتها منظمة العفو الدولية بأنها إنتهاك إسرائيلي لحقوق الإنسان والقانون الدولي وإقترافها لجرائم حرب، وقتل جماعي، و للمفارقة فقد كان تيري رود لارسن أحد أعضاء لجنة التحقيق الدولية التي أقرها مجلس الأمن الدولي بالقرار(1405)عام2002 حيث صرح بعد وصوله للمخيم(فظاعة تفوق التصور... كأن زلزالا ضرب المخيم.. الأمر مقزز على الصعيد الأخلاقي...)
وبعدما كادت اللجنة تدين إسرائيل،تراجعت الحكومة الإسرائيلية عن التعاون معها وطالبت بإنهاء أعمالها،لما تسببه من أضرار عليها ،فسارع كوفي أنان ،للطلب من أعضاء اللجنة العودة إلى منازلهم،ودفنت اللجنة الدولية وأنقذت إسرائيل مما يعني أن مجلس الأمن يمكنه التراجع عن قراراته.؟!
وبعد مجازر يوغسلافيا السابقة وخاصة مجزرة( سربرنيتشا)التي راح ضحيتها ألاف المسلمين،وصنفتها الأمم المتحدة بجريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وشكلت لجنة لتقصي الحقائق بالقرار رقم 78/1992للتحقيق بالإنتهاكات الخطيرة والمخالفات الجسيمة لحقوق الإنسان وأستبدلتها بالمحاكمة الجنائية الدولية المؤقتة ليوغسلافيا في أيار1993 بقرار مجلس الأمن 808/1993 استنادا للفصل السابع من ،وبعد مضي 17 عاما على تشكيلها، لازالت أعمالها مستمرة ولم تصدر إلا سبعة أحكام ،وتداخلت السياسة بالتحقيق حيث قامت الإدارة الفرنسية والأميركية بالضغط،على القضاة لتأخير الأحكام لعدم زعزعة مفاوضات السلام بين الفرقاء المحليين ،لأن هدف المحكمة أو المفاوضات هو تحقيق السلام ليوغوسلافيا السابقة.
وهنا يطرح السؤال هل يستطيع لبنان أن ينتظر 17 عاما جديدا في التحقيق المسيس أميركيا؟
خاصة وأن لبنان الذي لم تسعفه القرارات الدولية لتحريرأرضه كالقرار425 ا...ولبنان الذي لم ينصفه مجلس الأمن بعد مجزرة قانا في عقر القوات الدولية بل عاقب الأمين العام بطرس إالي لتجرؤه على متابعة التحقيق لإدانة إسرائيل...ستدمره القرارات الدولية .
الحقيقة أن مجلس الأمن الذي حركته(الحاجة أم حسين )كتعبير رمزي عن بعض النسوة في الضاحية الجنوبية ولم تحركه مجازر غزة وتقرير غولدستون ،ولا مجازر العراق الأميركية الصنع وفق وثائق(ويكيليكس )ولم تحركه مطالبة عائلة رئيسة وزراء باكستان (بنازير بوتو)، ولم تحركه مجازر لبنان المتعددة...فهو هيئة ساقطة لا تمثل الشرعية الدولية كباقي المؤسسات الدولية،مثال المحكمة الجنائية التي حاكمت الرئيس السوداني للضغط عليه لتقسيم السودان،ولم تحاكم إسرائيل على جرائمها وآخرها (أسطول الحرية).
الرهان أيها اللبنانيون ان تعودوا لوطنيتكم،ولا تكونوا الأذرع المحلية لمشاريع دولية تبيع وتشتري الجرائم الصحيحة أو الكاذبة وتقايضها بالمال (ضحايا لوكربي)بالتعويضات الليبية الباهظة،و البرنامج النووي الليبي ،وتقايض حقوق الإنسان والديمقراطية بالنفط المتدفق من الممالك والإمارات وصفقات الأسلحة ،ويمكن أن تقايض أتباعها في لبنان بمصالحها المهددة في الشرق الأوسط مع القوة المستجدة في المنطقة ونفخها لما تبقى من أتباع لبنانيين بهدف لزيادة ثمنهم في المفاوضات المرتقبة على المنطقة من أفغانستان والعراق إلى لبنان وفلسطين وما بينهما .
الحقيقة أن الشرعية الدولية أكذوبة ...والحقيقة الثانية أن اننا سنكون الضحايا .. والحقيقة الساطعة بأن الإستعمار سيهزم ، والشعوب التي تقاوم من أجل الحرية والإستقلال ستنتصر ؟!.