الباحث السياسي اللبناني د. نسيب حطيط لـ”مرآة الجزيرة”: في ذكرى انتصار تموز 2006.. العدو الإسرائيلي يخشى نتائج أي حرب جديدة و”السعودية” المتآمرة فشلت في كل الجبهات أغسطس 21, 2019 النشرة, تقارير, حوارت قادت المقاومة الإسلامية في لبنان ضد العدو الإسرائيلي حرباً متعددة الأوجه والجبهات، فتمكّنت في إنجاز انتصارات عسكرية، إعلامية، عقائدية، ونفسية في وقتٍ واحد، تجسّدت آثارها بتحوّل الوعي العربي عامةً في كيفية التعاطي مع كيان الإحتلال الذي سقطت هيبته العسكرية والسياسية ليس بالنسبة للشعب العربي فحسب إنما أيضاً في وسطه الداخلي، نتيجة استراتيجيات إعلامية وعسكرية أسّست لهزيمة العدو هزيمة مزدوجة على أرض الواقع بكل ما تملكه من عديد وأسلحة وتقنيات وأيضاً في الفضاء الإعلامي والحيّز النفسي الذي تخوض فيه المقاومة أعتى حروبها مع العدو. وللحديث أكثر حول مّا تقدم إلى جانب الدور العربي خلال حرب تموز وتحديداً الدور السعودي حاورت “مرآة الجزيرة” الباحث السياسي اللبناني والمحاضر الجامعي الدكتور نسيب حطيط. (مرآة الجزيرة) مرآة الجزيرة – حوار زينب فرحات أكّد الباحث اللبناني د. نسيب حطيط أن المقاومة الإسلاميّة في لبنان حقّقت توازن ردع مع العدو بحيث أنها استطاعت تحشيد عديدها البشري وتنميته وتطويره بخبرات قتالية وخبرات علمية وتقنية عالية كي تسطيع إدارة عمليات الأسلحة المتطورة التي تصنّف خارج إطار حرب الميليشيات العادية والتي عادةً ما تملك الأسئلة الخفيفة والمتوسطة، موضحاً أن المقاومة في لبنان انتقلت من مرحلة الميليشيا الشعبية إلى الجيش النظامي الشعبي الذي يمتلك كل توصيفات الجيش النظامي لكنه لا يرتبط بدولة إنما يرتبط بقيادة حزبية تنظيمية لا يمكن فصلها عن البيئة الشعبية الحاضنة، وبالتالي فإن المقاومة في لبنان استطاعت توسيع مروحة الأسلحة، ليست البريّة فحسب إنما أيضاً البحرية والجوية، وهو شيء لم تعهده المقاومة في حقبات سابقة، لذا يمكن القول بحسب حطيط أن المقاومة في لبنان أسست لمنظومة مقاومة شعبية تلامس منظومة أي جيش نظامي لكن لا تستطيع أن تعلن عن نفسها، هذه المنظومة موجودة في أرض الواقع لكن غير مرئية كالثكنات العسكرية ومراكز القيادة لأي جيش نظامي، فهي منظومة جيش سري غير مرئي سواء على مستوى التنقل والإدارة أو حتى على مستوى مواقع الأسلحة الصاروخية وغير الصاروخية. استراتيجية حزب الله الإعلامية ضربت مصداقية العدو تطرّق المحلل السياسي في معرض حديثه، إلى تجربة حزب الله الإعلامية، وقال أن هذه التجربة تعمّمت على مستوى حركات المقاومة في المنطقة سواء في اليمن والعراق وغيرها، إذ أنها تتّجه نحو استخدام كل وسائل الحرب، ليس العسكرية فقط إنما النفسية والإقتصادية، لافتاً إلى أنه هناك أيضاً توازن ردع نفسي مع العدو بحيث أن المصطلح الذي استطاع الصهاينة فرضه على الوعي العرب منذ إنشاء الكيان الصهيوني وترسّخ في العقل العربي لزمن طويل أسقطته المقاومة ورسّخت مكانه مصطلحاً آخر، وهو “أوهن من جيش العنكبوت” الذي حلّ مكان مفهوم “الجيش الذي لا يُقهر”، أي أن هذا المصطلح الجديد محى آخراً كان قد سيطر على العقل العربي سواء على المستوى الشعبي والسياسي وأيضاً العسكري. وتابع حطيط، إن منظومة المقاومة في لبنان لم تهمل أي جانب أو محور بغية تشكيل وحدة متكاملة لإدارة الصراع ضد الكيان الصهيوني، بل إنها استثمرت كل المحاور المتاحة لشن حرب نفسية وإعلامية لا سيما عبر عدسات الكاميرا المقاومة التي استطاعت بالتزامن مع العمليات العسكرية أن توثّق المشاهد التي كانت تكذّب بدروها الإدعاءات الإسرائيلية، ذلك أن الإستراتيجية كانت حينذاك أن يُعلن عن تنفيذ العملية ثم يسود الصمت الإعلامي، لينفي الجانب الإسرائيلي حدوث العملية وهنا تقوم المقاومة ببث الشرائط المسجلّة ليكذّب إعلام العدو. لقد أسّست هذه الإستراتيجية ليصدّق الصهاينة حزب الله وأمينه العام أكثر مما يصدقون قادتهم السياسيون والعسكريون، وبالتالي إضافةً للحرب النفسية المضادة استطاعت المقاومة اختراق العقل الإسرائيلي وزرعت مصداقية المقاومة في مجتمع معادٍ، بحسب الباحث السياسي. العدو الإسرائيلي يخشى نتائج الحرب الشر والعدوان متأصّلان في تركيبة العدو الصهيوني يقول حطيط، موضحاً أنه ليس لدى العدو أي رادع أخلاقي ولا ديني ولا حتى عسكري، لشن حرب جديدة على لبنان وفي أي وقت، لكن السؤال الذي يطرحه الباحث في هذا الصدد هو هل سينتصر العدو في هذه الحرب؟ ويجيب بأن محور المقاومة يؤكد أن قدراته ووحدته تضمنان عدم انتصار العدو، وبطبيعة الحال عندما لا يحصل العدو على ضمانات انتصاره بأي حرب قادمة لن يقدم عليها، لإن الخوف من نتائج الحرب هو الذي تمنع الحرب، والخوف هنا بحسب الباحث ليس مسألة نفسية إنما واقعية لأن العدو يعرف ما تملكه المقاومة ومحور المقاومة كما يعلم جيداً أنه إذا استطاعت المقاومة منفردةً عام 2006 أن تهزمه وتمنع تحقيق أهدافه، فاليوم أصبحت أي معركة مع محور المقاومة ترتبط بجغرافيا متعددة على مستوى الإقليم والمنطقة ولذلك من لم يستطع هزيمة المقاومة وهي تقاتل وحيدةً في لبنان لا يستطيع أن يهزم محور المقاومة الذي أصبح عبارة عن منظومة موحّدة أي عندما يتلقى أي طرف من أطراف المقاومة ضربة من العدو سترد بقية الأطراف كاملة وهو ما لا تتحمله “اسرائيل”. الدول العربية فشلت بالتآمر على المقاومة الدور العربية كان كمن يكلّف بالمقاولات العسكرية أو السياسية، ذلك أنه تم تكليف العدو الصهيوني من الأمريكيين بمساندة عربية حتى يتم إسقاط المقاومة في لبنان، كمقدمة لإسقاط سوريا ثم العراق ثم إيران ثم اليمن. لكن الدول العربية التي ساندت هذا المخطط خسرت في تلك المقاولات ودفعت بدلاً من أن تربح وجرى بدلاً من ذلك تثبيت أقدام المقاومة الإسلامية في لبنان التي استطاعت في ما بعد أن ترفد ساحات القتال في سوريا، العراق واليمن بخبراتها العسكرية وعديدها البشري. المرحلة الثانية من مشروع الشرق الأوسط الجديد بدأ عندما تمكنت المقاومة من إحباط المرحلة الأولى في حرب تموز، يقول حطيط. ويردف قائلاً، بعد فشل حرب تموز بالقضاء على المقاومة في لبنان كان الرهان على أن ينجح المشروع الأميركي في ما يسمى بالربيع العربي، لكن تبين بعد ثماني سنوات أن الربيع العربي انقلب إلى فترة صمود لمحور المقاومة وخاصةً في سوريا والعراق واليمن، أي انقلب على الذين أشعلوا ناره وبالتالي خسائر الأمريكيين كانت مدويّة في هذا الخصوص خاصة بعدما أن خسروا موقعهم الإستراتيجي في الشرق الأوسط كطرف آمر وأحادي. “السعودية” خسرت في كل مكان “السعودية” كما رأى المحلل السياسي خسرت أيضاً في كافة الجبهات التي دخلتها، في سوريا، العراق، ولبنان وغيرها، لذلك حاولت تعويض خسارتها في اليمن لعلها تربح اللوتو العسكري والسياسي بالقضاء على اليمن واحتلاله ومصادرة ثرواته لكن كانت النتيجة جاءت على خلاف توقعاتها إذ أنها خسرت الحرب طوال خمس سنوات، وقد تم استنزافها معنوياً لتسقط بذلك كمشروع قائد للعالم الإسلامي، أو العالم العربي أو حتى للخليج.. سقطت كل تلك الألقاب. فضلاً عن أنها استٌنزفت إقتصادياً وسقطت هيبتها العسكرية بالصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية، وبالتالي، يورد حطيط إذا حللنا بشكل مجرد “السعودية” لم تخسر في لبنان عام 2006، فحسب بل أيضاً فشلت في تنفيذ مخططات الربيع العربي وفشلت في عدوانها على اليمن حتى أنها لم تستطع الحفاظ على ما يسمى بمجلس التعاون الخليجي الذي أصبح مجالس تعاون خليجية في ظل الأزمة مع قطر، وأيضاً في ظل الصراع المخفي بين “السعودية” والإمارات وبين “السعودية” وعمان، والحيادية الكويتية، حتى لم يبقَ من دول التعاون إلا جزيرة البحرين. وهو ما يجعل “السعودية” تستدرج أميركا، الأوروبيين والكيان الإسرائيلي، ليخوضوا حرباً بديلةً لكن لن يقاتل عنها أحد، بل سينفذ مالها من خلال صفقات الأسلحة الوهمية وسترتد على الداخل السعودي تشققات داخل عائلة آل سعود.
مرآة الجزيرة http://www.mirataljazeera.org/34644/