مستقبل حماس بعد عزل مرسي
د. نسيب حطيط
اعتقدت قيادة حماس بأن العصر الذهبي للحركة قد بدأ مع استلام الإخوان المسلمين للحكم في مصر و وتونس وتقدمهم في سوريا وليبيا ،فسارعت إلى إعلان نفسها "الذراع الجهادية" للإخوان المسلمين وأعلنت إنفصالها عن المحور الثلاثي للمقاومة (سوريا-إيران-حزب الله) وغادرت دمشق للإقامة في قطر لمواصلة المقاومة من جوار قاعدة "العيديد" الأميركية والسفارة الإسرائيلية في الدوحة!
تصرفت حركة حماس بتسرع وانفعالية بناءً على حسابات خاطئة ومعلومات نقلتها قيادة الإخوان عن إتفاق أميركي –إخواني بضمانة ومواكبة (قطرية- تركية) يؤكد بأن العصر السياسي للعالم العربي هو عصر الإخوان المسلمين و العداء لإيران وسقوط سوريا وحصار حزب الله في لبنان وهو عصر معاهدات السلام و العرب والمتحالفين مع إسرائيل... غرقت حماس في سكرة الأحلام والأمنيات تركت خنادقها وتوجهت نحو فنادقها ... خلعت بدلاتها المرقطة وارتدت بدلاتها الرسمية وأخذت تتصرف كدولة "عظمى" بإصدار البيانات والمواقف من النظام السوري ومن حزب الله وإيران وحتى من روسيا ،فأرتكبت خطيئة استعجال النتائج و الخطط الأميركية فبنت مواقفها على هذا الأساس وأحرقت كل مراكبها ونزلت على شاطئ الإخوان وقطر وتركيا وتنكرت لمن حضنها ودربها ومولها وهرب إليها السلاح !!
بعد سقوط الإخوان في مصر وتداعياته على الساحات العربية الأخرى بما ينذر بسقوط المشروع السياسي للإخوان مترافقاً مع عرقلة المشروع الأميركي وفشله، باتت حركة حماس تعيش لحظة مفصلية مأزومة ومأزقا سياسيا كبيرا ينذر بعواقب وخيمةعلى مستقبل الحركة والقضية الفلسطينية خاصة وأن حركة حماس خسرت أصدقائها وأكثرت من أعدائها وخصومها ومن ربحتهم تم عزلهم وسقطوا مع المشروع الأميركي والعربي على أعتاب محور المقاومة ومنها:
- لم تربح حماس الراعي الذهبي لها الممثل بالثنائي(القطري) حمد بن خليفة وحمد بن جاسم اللذين تم عزلهما بشكل سريع وغير لائق وتراجعت قطر إلى الصفوف الخلفية.
- خسرت الشعب المصري بأطيافه المعارضة لإنحيازها وتورطها مع الأخوان وخسرت الجيش المصري والشرطة وبادلتهم بالأخوان و الشيخ القرضاوي الذي غادر قطر سواء مطرودا أو مختارا ولم يهنأ بزيارة غزة وكان فأل شؤم عليه عندما ( قلم أظافره)إسماعيل هنية فتم تقليم أظافره سياسيا ودينيا فحاصره الأزهر الشريف والشعب المصري . - لم ينفع حماس الثنائي التركي(أردوغان-أوغلو)اللذين يهيمان على وجههما في ساحات(تقسيم(والساحات التركية الأخرى بحجة قطع شجرتين (ولا تقربا هذه الشجرة...)وأنكشفت سوأتهما وخداعهما حول الديمقراطية المزيفة وتراجعا خلف الأسوار التركية علهما ينجوان من السقوط وإزدادا رعبا بعد سقوط حليفهما الرئيس(مرسي). - خسرت حماس حلفائها الصادقين والميدانيين في سوريا ولبنان وإيران وروسيا وتنازلت عن مستودع السلاح(الذي ليست بحاجة إليه بعد الآن في فلسطين)وفق ما صرح به أحد قياديها عزيز الدويك" بأن أولوية إسقاط الرئيس الأسد تتجاوز قضية الجهاد في فلسطين" مما يعبر عن إعاقة سياسية وإنحراف عقائدي وضلاله جهادية لم يسبقه إليها أحد والأسوأ أن قيادة حماس لم تستنكر أو توضح ذلك مما يعني أنه يعبر عن النهج الحمساوي الجديد وهذا ما لا يقبله لا عقل ولا دين ولا واقع.
نداؤنا الى الأخوة في حماس الذين لم تسرقهم الفضائيات والذين يعيشون تحت الحصار والجوع نناشدكم بأن تعودوا إلى أحضان بنادقكم وتفرون من أحضان قطر وتركيا وأحضان الأحزاب والحركات التي تلتزم بإتفاقيات كامب ديفيد والتي تعتبرشيمون بيريز صديقها العزيز والعظيم،ففلسطين لا تحررها الأنظمة المتحالفة مع أميركا ولا مفكرمزيف ومخادع تخرج من الكنيست الإسرائيلي ولا شيخ موظف عند الأمير ولا تركي يتحالف إستراتيجيا مع إسرائيل .
حركة حماس أمام مفترق تاريخي وفق الخيارات التالي :
- أن تمعن قياداتها بقراراتهاالخاطئة وتنحاز إلى محور الإستسلام العربي لإنهاء القضية الفلسطينية على أعتاب وسلطة حكم ذاتي فارغة المضمون والدور.
-العودة إلى خنادقها وحلفائها في محور المقاومة لإكمال المسيرة حتى تحرير فلسطين.
- الإنقسام والتشظي تنظيميا عبر الإنشقاقت بين حماس المغتربة في الخارج (وحماس الجهادية ) في الداخل والخارج .
إن مصلحة حماس والفلسطينيين الإنسحاب من الساحات العربية وعدم تكرار تجربة تأييد العراق لغزو الكويت التي دفع الفلسطينيون ثمنها وكذلك في لبنان والأردن والآن تكرر حماس تجربة دعم الإخوان بمواجهة الشعب المصري وتواجه السعودية ودول الخليج التي ستمنع العمالة الفلسطينية بعد تورطهم في سوريا ومصر وخوف الخليجيين من الدور الفلسطيني مستقبلا.
ماذا لو أمر الأميركيون القيادة القطرية الجديدة بوقف الدعم المالي عن حماس؟.
ماذا لو ثبت تورط حماس في مصر على المستوى الأمني خصوصا في سيناء وضد الجيش المصري بعدما تحول الرأي العام المصري إلى الحقد والخصومة مع حماس وبالتالي مع غزة؟.
ماذا لو هدمت الأنفاق وتشدد المصريون على معبر رفح وعلى إقامة الفلسطينيين في مصر؟. فماذا ستفعل حماس؟.
ماذا لو خسرت حماس لعبة(القمار الأخواني)الذي مارسته في العام الماضي ولا تزال؟.
حركة حماس على أبواب النكسة والخيبة فإما أن تضحي بقيادتها التي أخطأت أوتضيع دماء الشهداء والقضية الفلسطينية ،فالأشخاص ليسوا أكبر من القضية بل في خدمتها ، فلتسارع قيادة حماس في الخارج للإستقالة أو الإعتزال قبل طردها ومحاكمتهامن المقاومين في خنادق غزة .
ويبقى السؤال ...أي بلد سيستضيف حماس بعد الآن ومن سيأمن للتحالف مع اي فصيل فلسطيني ؟.