مشروع زعزعة العراق لإسقاط سورية.
نسيب حطيط
يتعرض العراق لحرب على جبهتين ،سياسية وأمنية لإسقاط الحكومة العراقية ونهجها السياسي المتمايز عن المشروع العربي -التركي المتعلق بسوريا ،وقد استعاد العراق دوره الإقليمي تمثل بإنعقاد مؤتمر جامعة الدول العربية ودوره الدولي بالمحادثات النووية بين إيران ومجموعةال(5+1) وقد إستطاع العراق بقيادة نوري المالكي وحلفائه من منع تحويل العراق كقاعدة إنطلاق عبر الحدود المفتوحة لغزو سوريا عبر السلفيين والقاعدة ،وتأمين منطقة عازلة لتجميع القوى العسكرية والإستخباراتية من خصوم سوريا تحت غطاء مجلس إسطنبول وما يسمى الجيش السوري الحر ،وعصابات الخطف وقطاع الطرق الذين يحملون لواء هذا الجيش والمعارضة السورية في الخارج .
ان خطوات المالكي تتصف بالجرأة والمبدئية عندما رفض الإنخراط بالمشروع الغربي وأذرعه العربية والتركية ،والذي يهدف لتفجير الوطن العربي عبر قطار الفتنة المذهبية ومفرداتها التكفيرية، ويقود هذا المشروع إقليميا مع تمويله وتغذيته الثلاثي( التركي-السعودي-القطري ) وتجمعهم أمور ثلاثة :
-التبعية لأميركا والتحالف أو مهادنة مع إسرائيل
-التعصب المذهبي
-طموحات وأحلام الخلافة أو قيادة الأمة الإسلامية
وبعدما عجزت مجموعة أعداء سوريا من تأمين المناطق العازلة في الأردن وتركيا ولبنان ،سعت إلى إسقاط الحكومة العراقية بحجة إسقاط المالكي مع معرفة الجميع بإستحالة تشكيل حكومة جديدة ،مما سيؤدي إلى زعزعة العملية السياسية وإحداث فراغ سياسي على مستوى الحكم ،وفق خطة منهجية لإثارة الفتنة المذهبية ،كما يحدث الآن مما يجعل العراق بلدا مستباحا تحكمه الفوضى وأجهزة الإستخبارات وخلايا القاعدة والتكفيريين وعصابات الإجرام، ويفتح الأراضي السورية عبر النافذة العراقية لإستباحة السيادة السورية وتخريب سوريا بحجة الإصلاح والديمقراطية ،ودمج الساحتين السورية والعراقية بمكوناتها العرقية والقومية والطائفية والمذهبية ودفعها إلى محرقة الحرب الأهلية وتفجير القلب العربي ،لتحويل هذه الأمة إلى شظايا جغرافية تسكنها الجماعات الأثنية وإعطائها صفة الإمارات والدول الورقية الضعيفة، لإلغاء مقومات الأمة الواحدة سواء على مستوى الأمة العربية الواحدة لإسقاطها كيانيا ،أو على مستوى الأمة الإسلامية كمنظومة عقائدية ومحاصرتها بحدود الجغرافيا أو فوارق المذاهب.
إن المشروع التركي بقيادة الثنائي (أردوغان-أوغلو) يعتمد على إستراتيجية الدخول للعراق عبر المطالبة بحقوق الأقلية السنية بما يتناقض مع إلتزامه بأحكام الجمهورية العلمانية التي أسسها أتاتورك أو عبر بوابة البارازاني الكردية بما يتناقض مع سلوك أردوغان مع أكراد تركيا ،سالكا طريق الخداع والنفاق السياسي المسمى حديثا بالتكتيك أو المناورة، تماما كما يفعل أردوغان في سوريا، حيث صرح قائلا (صحيح أن الرئيس الأسد علوي إلا أن زوجته سنية )وهذا أسخف تصريح سياسي على مستوى الأحداث السورية والذي يفضح النفاق السياسي للغرب وأتباعه العرب والأتراك بأن معركة في سوريا ليست بهدف الإصلاح وإنما بهدف إسقاط الرئيس على أساس مذهبي ،وإسقاط الرئيس أيضا بسبب نهجه المقاوم وعدم الخضوع للإملاءات والتعليمات الأميركية أو التهديدات الإسرائيلية ،ولدوره في محور المقاومة والممانعة، والدليل على ذلك ما يصرح به قادة المعارضة السورية في الخارج العلمانيون منهم والأخوان المسلمين على قنوات التلفزيونية الإسرائيلية ،وما صرح به الشيخ التميميي في حمص بأن السنة وإسرائيل في خندق واحد مع ضد العدو الواحد حزب الله والمقاومة في لبنان ...!مع تأكيدنا على أن هذا "الشويخ " ان صدق الخبر فهو لا يمثل أهل السنة الشرفاء، بل يمثل الطبعة الأميركية من سنة التكفير وسطحية التفكير .
إن زعزعة العراق تنبع أيضا من خوف وهواجس حكام الخليج من الدور العراقي المستجد والذي سيعيدهم إلى أحجامهم الطبيعية التي لا وزن لها، والفارغة من القيمة الميدانية ولا تمثل إلا أكياسا من دولارات وناقلات للنفط والغاز ،تشتعل في لحظة سريعة وبعمل بسيط ،فبيوتهم أوهن من بيت العنكبوت، وحصونهم من زجاج شفاف لا يستر عوراتهم.
العراق واهله اقوى من الفتنة والاحتلال ..وستنصر الأمة على الانحراف والتدجين والتهجين الفكري ، وستبقى القدس بوصلة الشرفاء من المسلمين والمسيحيين، مهما غرق البعض قصدا او عن غبر قصد في ضبابة الأهداف والخيارا ت الخاطئة او المشبوهة.