مصر سباق بين الإستقرار والإنفجار.
د.نسيب حطيط
لا زالت مصر وشعبها منذ ثلاث سنوات يعيشون حالة سباق دائم بين الإستقرار والإنفجار للإنتقال إلى مرحلة تطوي صفحة ثلاثة عقود من حكم مبارك وبطانته ولقحها الإخوان المسلمون وأذرعتهم بحكم مرتبك وفاشل لم يدم اكثر من عام !
لقد أصيب الشعب المصري بخيبة أمل صادمة أدت إلى تفجير ما يسمى (الإسلام السياسي) بعد تجربة حكم الإخوان الذي لم يصمد بعد (حمل زائف) استمر أكثر من ثمانين عاماً حيث تمخض الجبل الإخواني فولد فأراً سلطوياً هزيلاً لم يستطع الدفاع عن مشروعه وعندما أزيح عن السلطة تصرف بشكل إنفعالي ومرتبك فبدأ بإحراق مصر دولة وإقتصاداً وومؤسسات وكأنه وصل إلى مرحلة اليأس السياسي وأنه لن يعود إلى السلطة فرفع شعار (علي وعلى أعدائي يا رب) وأخذ يطعن مصر في كل جسدها ويقتل جيشها ويفجر مؤسساتها حتى أحرق متحف الفن الإسلامي ومخطوطاته الأثرية.
يروى أنه بعد إحتلال فلسطين تم تزويد الجيش المصري بأسلحة فاسدة تقتل الجنود الذين يحملونها بدل قتل العدو الإسرائيلي ويتكرر المشهد حيث أن الأفكار الفاسدة والمضللة جعلت مسلحي (أنصار بيت المقدس) يفجرون في القاهرة بدل تل أبيب والمستوطنات الإسرائيلية ويقتلون الجنود والضباط المصريين بدل أن يقتلوا الجنود الإسرائيليين وتتجه بنادقهم نحو الخلف بدل أن تطلق النار إلى الأمام ... وكل ذلك نصرة للإخوان المسلمين للعودة إلى السلطة تؤازرهم حركة حماس على لسان رئيس حكومتها المقالة إسماعيل هنيه الذي يؤكد أن حماس لن تتخلى عن معينها الفكري المتمثل بالإخوان المسلمين وأنها الذراع الجهادية للجماعة !!
لقد أصيب الشعب المصري المؤمن والمتدين والطيب بصدمة الإسلام الإخواني وجعله يرجع للتمسك بالجيش والحكم العسكري لإنقاذ البلاد من الإرهاب وقد وضعت مراهقة الإخوان السياسية الشعب المصري بين خيارين ...إما العسكر وأم إرهاب الإخوان ! فلجأ الشعب إلى الجيش ممثلاً بالمشير السيسي لإستعادة الأمن والإستقرار بعد ثلاث سنوات عاشها المصريون في الميادين والمظاهرات والإنتخابات ولم يصلوا إلى شاطئ الأمان حتى الآن.
والسؤال المطروح ... هل أن وصول السيسي هو الحل ؟
هل تم استعادة حكم الضباط للأنظمة بعد الحريق العربي كما جرى في الخمسينات بعد إسقاط الملوك ؟
هل سقط الإسلام الإخواني ؟
هل أن الشعوب العربية غير مهيأة لظاهرة الديمقراطية وحرية الرأي ؟
هل لا زالت القبيلة أو العشيرة هي أساس المنظومة السياسية والإجتماعية للشعوب العربية حتى لو أخذت شكل الدولة ؟
إن السباق في مصر بين بناء الدولة أو "الجماعة" والخاسر الأكبر هو الإسلام والشعب،ولنفترض أن الشعب المصري انتخب المشير السيسي رئيساً للجمهورية فهو أمام خيارين:
- مكافحة الإرهاب بالطرق والأساليب العنيفة وبالقوة وهذا ما يجعل مصر وشعبها تحت وطأة التفجيرات والقتل والحرائق المتنقلة.
- الدعوة للحوار لإستعادة الهدوء والوحدة الداخلية والشراكة لكن المشكلة أن الإخوان ومن يحركهم ليسوا مستعدين للقبول بذلك فهم يطرحون معادلة الحكم لنا وليس لأحد !!
والسؤال المخيف... هل نحن أمام تجربة مصرية جديدة على طريقة التجربة الجزائرية التي عرفت بإسم (العشرية السوداء) التي بدأت منذ التسعينات بعد نجاح جبهة الإنقاذ الإسلامية بالإنتخابات ومن ثم إلغائها من قبل الجيش وجبهة التحرير الوطني مما أدى للمجازر والفوضى التي لا زالت الجزائر ترزح تحت وطأتها حتى الآن ؟
هل ستغرق مصر في رمال الإرهاب والكر والفر بين النظام والجماعات التكفيرية كما يحصل في العراق وسوريا ؟؟
هل يتعرض الجيش المصري للإستنزاف والإنشقاقات والإرهاق(وهل تقوم قطر بتأسيس الجيش المصري الحر؟) بعد تدمير الجيش العراقي واستنزاف الجيش السوري ليتم إعلان تدمير الجيوش العربية ضد إسرائيل وإن بقيت ستتحول إلى جهاز شرطة يكافح الإرهابيين والتكفيريين والسلفيين والإخوان المسلمين.
نداؤنا "للإخوان المسلمين" قبل الآخرين وأنتم ترفعون شعار "الإسلام هو الحل" أن تحفظوا الإسلام قبل غيركم وأن تلزموا شعار "شرف الوسيلة من شرف الهدف" فلا يمكن إعلاء الإسلام بقتل المسلمين وتفجير شوارعهم ومؤسساتهم، ولا يمكن إحياء الإسلام عبر قتل الناس وتدمير دولتهم ... راقبوا تجربتكم وإنقدوها ولا تنسوا العدو الإسرائيلي الذي يحتل فلسطين وانصحوا ذراعكم الجهادية "حماس" بأن تولي وجهها شطر المسجد الأقصى وفلسطين المحتلة بدل القتال في اليرموك وسيناء والقاهرة.
ونداؤنا للشعب المصري أن لا يحمل الإسلام ما اقترفه الإخوان المسلمون من خطايا، ولا تعطوا أحداً شيكاً على بياض في الحكم والسلطة... واجمعوا جيشكم ليقاتل العدو الإسرائيلي وأنتم الذين قاومتم "التطبيع" أكثر من ثلاثين عاماً قادرون بإذن الله أن تقاوموا الإرهاب المضلل وأن تثبتوا إيمانكم وعروبتكم ... بمواجهة المحتلين.