مصر والجزائر التنسيق ضد التكفيريين
د.نسيب حطيط
بدأ المشير السيسي حربه ضد الأخوان المسلمين ورعاتهم (قطر وتركيا) على خطين متلازمين في الداخل المصري والإقليم الخارجي في السودان وليبيا والجزائر لتحقيق الأمن في مصر والجوار وذلك عبر إستراتيجية المراحل المتسلسلة والمتلازمة والتي بدأها في مصر بإقالة الرئيس مرسي وعزل الأخوان المسلمين وصولا إلى الإمساك بالسلطة وإنتخابه رئيسا للجمهورية لينطلق للخارج لتدعيم وتحصين مشروعه الهادف للقضاء على مشروع الأخوان والجماعات المسلحة التكفيرية من خلال إنجاز المراحل الثلاث :
- حماية حدود مصر البرية من الجهات الثلاث (السودان –ليبيا- غزة وسيناء) لقطع خطوط الإمداد للتكفيريين.
- بناء خط دفاع متكامل ومترابط يشمل مصر وليبيا والجزائر .
- تأمين مظلة عربية وإسلامية لتأمين التمويل اللازم لهذه الحرب وسد العجز في الاقتصاد المصري من خلال التحالف السعودي - المصري وبعض دول الخليج .
إن المشير السيسي يتصرف سياسيا بأسلوب عسكري يعتمد اسلوب الإنقضاض والإطباق على خصمه وفق إستراتيجية الكماشة المبتسمة ولذا سوف يبدأ تأمين الحدود الخطرة مع ليبيا ودعم اللواء حفتر بالتنسيق مع الإدارة الأميركية التي أقام فيها اللواء حفتر ما يقارب العشرين عاما بعد معارضته للقذافي ونتيجة خوف الجزائر من عودة الجماعات التكفيرية التي أنهكتها بما عرف بالعشرية السوداء في التسعينات من القرن الماضي ، خاصة أن هذه الجماعات تنتشر في ليبيا واستولت على الكثير من الأسلحة والأموال وكذلك في مالي ، وبدأت العمل الميداني في الجزائر بعد مهاجمتها لمحطة (إن أميناس )للغاز من جماعة (بلمختار ) فإن من مصلحة الجزائر الإسراع في دعم نظام عسكري في ليبيا يقاتل ويحاصر هذه الجماعات ويحمي الحدود الجزائرية بالتلازم مع حماية الحود المصرية .
إن التنسق الجزائري –المصري يهدف إلى إعلان الحرب الشاملة ضد الجماعات التكفيرية المدعومة من قطر وتركيا وستكون المعركة الكبيرة على الساحة الليبية وقد بدأ اللواء حفتر هذه المعركة عبر الخطوات التالية :
- إعلان البدء بمعركة الكرامة لتحرير ليبيا عبر قوى الجيش وأنصاره لتطهيرها من الجماعات التكفيرية ومحاربة التقسيم .
- طرد رجال المخابرات من القطريين والأتراك المتخفين برجال الأعمال والجمعيات الإنسانية وغيرها
إن مشروع التنسيق الجزائري –المصري بقدر ما يمثل حاجة ذاتية لكل منهما لحماية أراضيهما فإنه يحقق أيضا ربحا مباشرا للسعودية بشكل خاص عبر تقليم الأظافر القطرية والتركية وزيادة الإنكماش القطري وإلغاء المنافسة بين قطر والسعودية على زعامة العالم العربي وبعض العالم الإسلامي وستسفيد الجزائر ومصر وليبيا من هذا الصراع في نفس الوقت الذي سيدفعون فيه الأثمان البالغة نتيجة هذا الصراع حيث ستتصارع قطر والسعودية في ساحاتهم عبر التمويل للقوى المتصارعة مثال الرهان على الأحصنة في سباق الخيل أو سباق الجمال أو الرهان على المصارعين في حلبة المصارعة وستربح أوروبا أيضا إذا تم حماية شواطئ المتوسط من السقوط بأيدي التكفيريين الذين سيغرقونها باللاجئين غير الشرعيين وتهريب السلاح لتذخير المسلحين العائدين إليها من سوريا والعراق وأفغانستان.
إن أوروبا مرغمة على دعم جبهة (السيسي –أبو تفليقة -حفتر ) أي دعم منظومة سيطرة الجيوش على السلطة بقفازات مدنية وديمقراطية بدلا من الإنقلابات العسكرية لإعادة حكم الجنرالات في العالم العربي الذي أثبت قدرته على ضبط ألأمن والأستقرار في العقود الماضية ولو على حساب الشعوب.
إن ثلاثية مكافحة التكفيريين المؤلفة من (مصر –ليبيا-الجزائر ) ستتكامل مع ثلاثية محاربة التكفير في (لبنان-سوريا-العراق)،لكنها ستبقى منقوصة ومربكة وعاجزة في المدى القريب عن حسم هذه المعركة إذا لم تقف الثلاثية الكبرى (إيران –السعودية –تركيا) وبمساندة ثلاثية عالمية (أميركا –روسيا-أوروبا) في مواجهة الفتنة المذهبية ومنع إنتشار الفكر التكفيري الذي سيصيب الجميع بناره وشظاياه حتى الذين صنعوه وحضنوه ودعموه بالمال والسلاح سينقلب عليهم عندما يستشعر بنفسه القوة و الإستقلال المالي بعد سيطرته على النفط خاصة وأن العائلة السعودية المالكة تعيش لحظات حرجة لترتيب انتقال السلطة في ظل صراعات داخلية حادة وإن كانت مستورة وراء الكواليس ،لكن التغييرات والتعيينات المتلاحقة والسريعة والمفاجئة في بعض الأحيان توحي الى الأزمة الكبيرة التي يمكن للأميركيين إستغلالها لتغيير بنية النظام السعودي لحفظ مصالحهم وإستعمال الجماعات التكفيرية كفرق هجوم وإقتحام قبل دخول الأميركيين وفق إستراتيجية كلاب الصيد لإصطياد الطريدة كما حدث في أفغانستان والعراق وسوريا ويمكن إستخدامه في السعودية أيضاوذلك لصالح الصياد الأميركي والسؤال ...كيف ستحمي السعودية نفسها إن لم يبايع خادم الحرمين الشريفين الخليفة البغدادي المولود حديثا من غزوة الموصل التي وصفتها السعودية بأنها ثورة شعبية ...وهل سيرسل الرئيس السيسي جيشه إلى السعودية وليبيا ؟
الظاهر أن مصر السيسي بدأت بإعادة بناء منظومة عربية جديدة بإنتظار إستعادة سوريا لإستقرارها وإنضمامها الى هذه المنظومة الجديدة لمحاصرة التكفير الذي ينتشر كالطاعون وسيبدأ بإصابة مصنعيه الذين لايملكون المناعة الكافية لمقاومته .