مقاومة اعلامية لمواجهة اللحديون الجدد نسيب حطيط
سس الاحتلال الإسرائيلي محطة تلفزيونية "لجيش لبنان الحر" المسمى "جيش سعد حداد" ثم "جيش لحد" وكانت تعرف باسم "محطة الشرق الأوسط" وقد دمرتها مجموعة من المقاومة الوطنية في 17 تشرين الثاني عام 1985.
تعود محطة "تلفزيون الشرق الأوسط" وهو الاسم الذي عمل شيمون بيريز (الرئيس الإسرائيلي الأسبق) على ترسيخه بعنوان "الشرق الوسط الجديد" لمرحلة ما بعد التطبيع بين العرب والعدو الإسرائيلي والذي بدا باتفاقيات أوسلو في التسعينيات من القرن الماضي ثم معاهدات السلام واتفاقيات التطبيع ومكاتب الاتصال ثم السفارات المتبادلة بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني مروراً بالربيع العربي الدموي والتدميري وصولاً الى "صفقة القرن المشؤومة"والحرب على اليمن وحصار لبنان .
تشرين الثاني العام 2021 أي بعد 36 عاما على تدمير تلفزيون الشرق الأوسط اللحدي- الإسرائيلي،يعود "اللحديون الجدد" من الإعلاميين لينتشروا على الشاشات اللبنانية المحلية والشاشات العربية و الإسرائيلية، تحت عنوان حرية الرأي واختلاف وجهات النظر.. واذا كانت محطة تلفزيون الشرق الأوسط محصورة في الجغرافيا والبث والانتشار (لم تكن فضائية ) فان "اللحديين الجدد " يتوزعون في الجغرافيا ويتسللون الى بيوتنا وقرانا .
كانت محطة "الشرق الأوسط" تجذب الناس لسببين :
- أولهما عدم وجود محطات لبنانية او عربية تصل للجنوب ما عدا محطتي تلفزيون لبنان التي كانت تعاني من ضعف البث .
- ثانيهما انجذاب الناس لبرنامج "المصارعة الحرة" التي تبثهما المحطة والتي لا يزال جيل الاجتياح يتذكر بعض أسماء المصارعين .
يعيد التاريخ نفسه بوجه واحد ويتمثل بعودة الإعلاميين اللحديين وغياب المقاومين المدافعين مع ان المرحلة السابقة كانت اكثر صعوبة واثمانها اغلى وصولا للاستشهاد او الأسر او الإعاقة بالجروح، مع ذلك كان المتطوعون للمواجهة والدفاع عن الأهل القيم والوطن، يشكلون الغالبية وكان الإخلاص عاما وكانت العمل المقاوم تطوعيا وليس مهنة او وظيفة او جسر عبور للسلطة او للمنصب وكانت العمل المقاوم شعبيا جماهيريا تمارسه كل الناس من الأمهات الأباء والأطفال والصبايا وليس محصورا بنخبة او شريحة ولذا لم يستطع الاحتلال خنقه او سجنه مع كثرة المعتقلات والسجون والتوحش والتهجير ..
المفارقة ان امكانيات أهل المقاومة صارت أكبر وجبهة العملاء اللحديين القدامى والجدد اكثر تفككا ..ومع ذلك نرى ان الغلبة للجبهة المقابلة وخصوصا بجذبها للمؤيدين للمقاومة التي يتجمعون حول شاشاتها بسبب ضعف وقصور وتقصير الشاشات التي يديرها اهل المقاومة وعدم احترافيتها او ممارسة التوجيه الحاد الذي يقتل الفكرة ويستبعد اهل الكفاءة لصالح "مكبرات الصوت "من الذين ينتحلون صفة اعلامي او محلل سياسي لكنه يجيد "نطق" ما يوحى إليه، لكنه لا يصل الى الجمهور المعني .فتصبح شاشاتنا واذاعاتنا كمن يتحدث مع نفسه في غرفة مغلقة ...!
لقد تحوّل الاعلام لسلاح أساسي في الحروب منذ حرب الخليج الأولى ثم في "غزو العراق" وفي الربيع العربي" ومن لا يتقن الاعلام سيخسر الكثير من انتصاراته ولن يستطيع حماية إنجازاته .
اننا ندعو لتاسيس "مقاومة إعلامية" محترفة تضم كل الوطنيين على اختلاف احزابهم وعقائدهم والذين يشتركون بموقف العداء لإسرائيل وعملائها للتصدي للحرب الإعلامية التي يتعرض لها أهل المقاومة لأنها ستطيح بما تم إنجازه وتلتقط أجيال الشباب وتعمل على تصنيع أفكارهم وسلوكياتهم وتلقحهم بمفاهيم تتعارض مع السيادة والوطنية والأخلاق ...
من لا يتقن صناعة الكلمة والاعلام ...سيخسر ما انجزه الرصاص وبذل الدماء..