من يحمي المسيحيين بعد الجيش
د.نسيب حطيط
يمكن للبعض استغراب هذا التساؤل ،لكن مع الإنفلات الأمني والفكر التكفيري ومئات الآلاف من النازحين والعصبيات المذهبية ..يصبح السؤال مشروعا .
قصفت الضاحية من مناطق الجبل الغير مأهولة ،وقصفت الهرمل من مسلحي سوريا ،وهددت جبهة النصرة والجيش الحر اللبنانيين وأمهلتهم 24 ساعة وإلا ستعطى الحرية لمسلحيها وخلاياها غير النائمة في لبنان بالبدء بأعمال العنف معتمدين على إحتضان بعض القوى السياسية ،وتتعاون وفق نظام المصالح ووحدة الأهداف مع المخابرات الإسرائيلية والعربية.
استهدف الجيش اللبناني في عرسال وأعدم ثلاثة من العسكريين ،وقتل في طرابلس قنصا ومنع من الإنتشار ،وغاب القرار السياسي الرسمي والحزبي المسؤول للسماح للجيش بالدفاع عن نفسه اولا و الدفاع عن المواطنين ثانيا،ولأن المسيحيين يشكلون الهدف الأضعف كما في العراق بعد الغزو الأميركي وفي سوريا بعد ثورة المسلحين والتكفيريين وفكرهم الإرهابي الذي وصل الى لندن ليذبح الجندي البريطاني .
إن المناطق المسيحية تعتمد على الجيش اللبناني لحماية أمنها العام ،ولأن المسيحيين هم الطائفة الأقل تسليحا بينما ينتشر السلاح مع الفلسطينيين وبعض النازحين السوريين ،وتمثل مناطقهم خطوط تماس وممرات عبور بين مناطق التوتر ويمكن أن تشكل الملجأ الآمن للتكفيريين الهاربين من سوريا أو المرسلين لإشعال الفتنة العمياء والشاملة لإرباك المقاومة في لبنان بعد هزيمة المشروع الإسرائيلي في القصير .
إن الجدل حول الإنتخابات النيابية تمديدا او تأجيلا هو كمن يناقش جنس الملائكة والنار تحرق بيوته وتقتل مواطنيه ،والمشكلة الآن ليست صحة التمثيل بل المشكلة هي حماية الوطن والجود المسيحي الذي نجا من بواخر كيسنجر عام 1975 والذي أصيب بشرا وكنائس بالنكبة بعد إحتلال فلسطين وتعرض للتهجير والقتل بعد الغزو الأميركي للعراق ،ولابد من إنقاذ الوجود المسيحي في لبنان ضمن مشروع إنقاذ لبنان ومنع التوطين.
لقد قتل التكفريون أهل السنة و الجماعة المخالفين لرأيهم من صحوة العراق و علماء سوريا و نهبوا أملاك تجار حلب, و قتلوا الشيعة و الدروز و العلويين و خطفوا الزوار و المطرانان اليازجي و إبراهيم و دمروا الأضرحة و المقامات و نبشوا القبور و كذلك في لبنان لم يتركوا طائفة إلا و إعتدوا عليها مباشرة أو بالواسطة و هددوا حلفاء سوريا و المقاومة و منهم الأطراف المسيحية كالتيار الوطني الحر وتيار المردة...فمن يحمي المناطق المسيحية إذا تسلل التكفريون الى أودية كسروان و بشري و جبيل تحت عنوان حماية الطريق الساحلي بين طرابلس و بيروت خاصة إذا لم يبادر السياسيون و العقلاء لحماية الجيش من الطعن وإطلاق يده بالقرار السياسي لفرض الأمن الذي يقف على حافة الهاوية؟
يعيش لبنان لحظة مفصلية تشابه لحظة إنفجار الأحداث في عام 1975 لكن بشكل أكثر خطورة فالإنقسام ليس بين يسار ويمين أو حرب أهلية بين شرقية وغربية بل نعيش لحظة المعارك الشاملة وخطوط التماس المتعددة بين الطوابق والحارات بين المخيمات ومحيطها والتكفيريين وكل اللبنانيين بين الجيش الحر الذي يلبس عباءة النازحين السوريين ويحمل اسلحته في البطانيات وفرش الإسفنج وعربات الخضار .
سيحترق اللبنانيون بالنار ولن ينجو أحد ، اذا لم يبادروا للترفع عن الكيدية السياسية والأنانية والعصبيات المذهبية والحزبية وإلا سنستيقظ على الحرائق والدماء ومحاكم التفتيش المتعددة الجنسيات الحاقدة على الجميع..
لبنان الوطن يوجه نداءات الإستغاثة لأبنائه حتى لايمارسوا العقوق الوطني بالتخلي عن مسؤولياتهم الوطنية في لحظة الإعصار الذي يجتاح المنطقة .
فليبادر الجميع لإنهاء ملهاة الإنتخاب تمديدا أو تأجيلا وحسم تشكيل الحكومة وإطلاق يد الجيش وضبط النازحين وكم الأصوات الموتورة والفتنوية وتجار الدين والدماء والثورات .
هل من مجيب أو عاقل ..يبادر لإطفاء النار قبل فوات الأوان ؟.