نجاح جنيف 2 رهن مكافحة الإرهاب
د.نسيب حطيط
يظن البعض أن مؤتمر (جنيف 2) يهدف لبدء التفاوض بين النظام السوري والمعارضة الخارجية بحضور ورعاية دولية، لكن الوقائع تؤكد أن هذا المؤتمر هو تفاوض مباشر بين سوريا -الدولة وأميركا – القائد الميداني والسياسي للهجوم على سوريا، وإن ما يسمى المعارضة السورية لم تذهب إلى جنيف وإنما جزء بسيط من (لواء الفنادق) التابع للسعودية تم إحضاره رغماً عنه ليكون جزء من الديكور السياسي على مسرح (جنيف 2) للإيحاء بأن فريقاً سورياً يجلس على الطاولة.
لم تذهب كل المعارضات السورية المسلحة والتي تسيطر ميدانياً على الأرض، فلم تذهب لجنة التنسيق الوطنية التي تقيم في الداخل ورفضت التدخل الأجنبي وكذلك لم تذهب "داعش" ولا "النصرة" ولا الكتائب والألوية التي لا تحصى والتي هدد بعضها بقتل من يذهب إلى جنيف..... والسؤال أين المعارضة السورية في (جنيف 2) ؟
لقد ذهبت إلى جنيف فرقة رمزية من المعارضة الخارجية لا حول لها ولا قوة إلى بما تقبض من أموال وما يقيدها من فضائح وما تتلقاه من أوامر من ولي الأمر السفير الأميركي فورد.
(جنيف 2) محطة على طريق التسوية الشاملة في المنطقة وإعادة رسم المشهد السياسي والكياني لدول المنطقة بعدما فشل المشروع الأميركي الصهيوني.
والتسوية ستمر من البوابة السورية إلزامياً ،لأن سوريا أفشلت المؤمرة وأسقطتها في الميدان السوري ،لكن التسوية تشمل الملفات كافة على البحرين ولبنان واليمن والعراق والسعودية وتركيا وسوريا ... وعلى ضفافها ، سيستغل الأميركيون والإسرائيليون هذا الدخان العربي لسرقة ما تبقى من فلسطين عبر المفاوضات التي ترمي إلى استفراد السلطة من جهة وتحييد المقاومة (حماس) من جهة أخرى وتأمين المباركة والغطاء السعودي للتنازلات الفلسطينية ضد سوريا وأيران والمقاومة.....
الغائب الأكبر عن (جنيف 2) هي المعارضة السورية الوطنية من جهة والمعارضة السورية المسلحة التكفيرية والإسلامية وكل ألوية المسلحين الأجانب ،ويشارك الغرب ودول الخليج وبعض الدول الهامشية في حفلة استعراضية في (جنيف 2) وتم استبعاد إيران لأنها لم تخضع للإبتزاز بالموافقة على ما كتبه الآخرون عن (جنيف 1) وحتى لا تستدرج للموافقة على بعض القضايا التي يمكن أن تتفاجأ بها خاصة نشر قوات دولية على الأراضي السورية كمقدمة لتدويل القضية وحصار المقاومة في لبنان.
التسوية السياسية الشاملة لم تنضج بعد، فلا مصر استقرت أو معرفة إتجاه البوصلة فيها والميدان السوري يميل لصالح النظام وحلفائه، والعراق خرج من العباءة السعودية و يتلقى الضربات الإرهابية وإشعال الفتنة المذهبية وتركيا تترنح بين فشلها في سوريا، وضربات الفساد وتفكك الجبهة الداخلية بين أخوة الخندق الواحد الإسلامي وتورط تركيا في تأييد الإخوان المسلمين في مصر وسوريا وتونس بمواجهة السعودية التي تشن حرباً شعواء على جماعة الإخوان.
(جنيف 2) محطة للوصول إلى (جنيف3) في بدايات الصيف القادم أو أبعد قليلاً حيث تنضج بعض الملفات ويسمح للسعوديين بالإنعطاف والتراجع عن المراهنات الخاسرة وإعادة ترتيب الإدارة السعودية الجديدة.
أميركا تفاوض سوريا سياسياً بعدما فاوضتها طوال ثلاث سنوات بالرصاص والنار والحصار.
أميركا تفاوض سوريا مباشرة بعدما انهزم المفاوضون–الأدوات من قطر إلى تركيا إلى السعودية وكل الجماعات التكفيرية التي تذبح وتقتل في سوريا.
أميركا تفاوض في (جنيف 2) لمكافحة الإرهاب الذي يهدد العالم وتقاتله سوريا ميدانياً ... وبدأت أميركا تنفذ تعهداتها لتدمير السلاح التكفيري مقابل تفكيك السلاح الكيماوي ومعارك "داعش" و"النصرة" وبقية الفصائل المعارضة تؤكد أن أميركا تحرق وتقتل وتنفي وتعزل أدواتها لحفظ مصالحها وأمنها القومي.
أميركا لا تعترف بوجود حلفاء أو أصدقاء بل أدوات وعملاء ومضللين وأغبياء حتى من الأوروبيين أنفسهم وعلى رأسهم فرنسا...
هل سيستيقظ "المعارضون السوريون" ليعودوا إلى حضن وطنهم وهل سيستيقظ بعض العرب ليعودوا إلى عروبتهم وإسلامهم.. حتى لا يذهبوا إلى (جنيف 4) و(جنيف 5) عندما تشتعل ممالكهم وإماراتهم وتتفتت أوطانهم.