هزيمة الإسلام السياسي المهجن
د.نسيب حطيط
انطلق ما يسمى الربيع العربي للمطالبة بالحقوق والحرية والإصلاح ،لكن المخابرات الأميركية وحلفائها اخترقت الثورات الشعبية وصادرتها وحولتها إلى عصابات مسلحة ثم احتكرت الحركات التكفيرية هذه الثورات ولم تنجو من هذه المنظومة التكفيرية سوى ثورة البحرين وبقيت ثورة شعبية سلمية ووطنية وكذلك إنتقاضة الشعب السعودي في المناطق الشرقية.
لقد ظهرت التنظيمات الإسلامية في ثورات الربيع العربي وتوزعت على محورين: محور الإسلام "الأخواني" ومحور الإسلام "التكفيري" للتعبير عن رأي الأغلبية الشعبية من وجهة نظر إسلامية مع وحدة الهدف لإقامة الحكومة الإسلامية مع فارق في الأسلوب والمراحل، فالأخوان المسلمون يراعون آليات الديمقراطية والمنظومة السياسية المعاصرة والتكفيريون يريدون إقامة دولة الخلافة بمصطلحاتها القديمة التي أتبعها السلف وعن طريق السيف والغزو المتوحش.
بعد ثلاث سنوات أصيب المحور الأخواني والتكفيري بنكسات متكررة وطعن الإسلام بسبب فشلهما وسلوكياتهما وقصورهما عن تقديم الإسلام للجمهور بجوهره الأصيل ،فسقط الأخوان في مصر في أقل من عام بعد قرابة الثمانين عاماً من العمل ،لكنهم أظهروا فشلهم وقصورهم في تطوير آلياتهم التنظيمية والسياسية والسلوكية وإكتفائهم بشعار "الإسلام هو الحل" فكانوا حركة سياسية تحترف الإعتراض والنقد دون تحضير المشروع البديل القائم على المبادئ الإسلامية ومواكبة العصرنة في الآليات وليس في تعديل المبادئ بذريعة الواقعية السياسية كما حصل باعترافهم بإتفاقية "كامب دايفيد" وحصار غزة مع أن حركة حماس أعلنت أنها الذراع الجهادية للأخوان المسلمين فقامت الجماعة بإغلاق معبر رفح وتدمير الأنفاق... و محاباة للصهاينة وتنفيذ شروط الإدارة الأميركية مقابل السكوت عن إستلامهم للحكم وفق مقايضة تتناقض مع السنة النبوية الشريفة التي أعلنها رسول الله (ص) عندما قال "والله لو وضعوا الشمس مني والقمر شيء لي لما تركت هذا الأمر".. فاي سنة نبوية شريفة يتبعون !
هل أعطى الأخوان النموذج الإسلامي في الحكم على مستوى التوظيف ومراعاة الكفاءة وإحتضان الفقراء "والغلابة" في مصر الذين كانوا الوقود التنظيمي والدعوي للجماعة !!
سقط الأخوان في مصر وخسروا الحكم والفرصة وأرهقوا الإسلام بسذاجتهم وشهوتهم للسلطة بأي ثمن .... ويكابرون بحجة الإنقلاب العسكري عليهم، لكن تجربتهم في تونس فضحتهم أكثر فخسروا الإنتخابات وهم ممسكون بالسلطة لصالح تحالف العلمانيين ورموز نظام زين العابدين... مما يعني أن الشعب غير راض عن تجربتهم في الحكم وأسقطهم وليس الجيش التونسي وهذا أكثر فداحة مما حصل في مصر... فأسقطوا أنفسهم وبان قصورهم وتقصيرهم وغياب المشروع البديل...
إن التجربتين المصرية والتونسية أظهرت أن الشعب والجيش في مصر أسقطهم والشعب أسقطهم في تونس وقاتلهم التكفيريون... مما يطرح السؤال مع من يتحالفون في بلدانهم ؟ وهل يراهنون على تحالفاتهم خارج الحدود مع الإدارة الأميركية والتسهيلات للإسرائيليين في مصر وتونس !!
أما تجربتهم في سوريا فكانت الأكثر مرارة حيث تحولوا إلى إداة تركية لتخريب سوريا واستعمارها لصالح أردوغان فسكتوا عن سرقة مصانع حلب (ليست للنظام) وعن سرقة النفط و مجازر داعش بحق السوريين على إختلاف مذاهبهم بما فيه أهل السنة والعشائر من الشعيطات في سوريا والبونمر في العراق، فصمتوا عن مخالفة التكفيريين لدين الله سبحانه بالنسبة لجهاد النكاح والإغتصاب والتمثيل بالجثث وكذلك التعاون مع العدو الصهيوني من قبل النصرة وأعضاء الإئتلاف السوري !
فأي إسلام ينتهج الأخوان ...إسلام رسول الله (ص) أم إسلام المرشد ؟وهل يخضعون للمقولة اليهودية "إذا تصادم قول الله (سبحانه) مع قول المرشد أو الرسل وجب إطاعة المرشد أو من يمثله..." سقط الأخوان عقائدياً قبل أن يسقطوا سياسياً وفي لبنان سقطت الجماعة الإسلامية إبنة الأخوان ولم تسقط حركة الأمة بقيادة الشيخ عبد الناصر الجبري وكذلك حركة التوحيد والجبهة الإسلامية وغيرهم من العلما ء المقاومين ولا زالوا من أهل السنة ولم يتحولوا إلى شيعة.... لكنهم بقوا على إسلامهم تجمعهم الأخوة في الدين مع الشيعة ومع المقاومة ووحدة الهدف ضد الإختلاف والإحتلال