هل بدأ الخريف السعودي
د.نسيب حطيط
أشعل الأميركيون وحلفائهم السعوديون ما يسمى الربيع العربي بثقاب التكفير بحجة الإصلاح وحرية الشعوب والتعددية السياسية وأطلقوا الوحش التكفيري لتخريب الدول وإزالة الحدود وبناء المجتمعات النقية مذهبيا وطائفيا وقوميا تحت يافطة دولة الخلافة كمرحلة أولى يعقبها إعلان الحرب على الإرهاب التكفيري بالتلازم مع بناء الكيانات الجديدة المحكومة بالرعب والخوف من بعضها والتي تستجدي الحماية الخارجية لضمان إستمرارية البقاء الوهمية .
انخرط السعوديون في المشروع الأميركي على ثلاثة مستويات تختلف في الأهداف المبطنة وتشترك في الشعار الظاهري وفق التالي :
- المؤسسة الدينية الوهابية التي تسعى لنشر فكرها الديني ومنهجها العقدي على المذاهب السنية الأربعة كمرحلة أولى خارج الحدود السعودية وصولا إلى إلغائها وعزلها ثم التمدد الى المذهب الشيعي وبقية المذاهب والصوفية واعتقدت أن الظروف مناسبة لإستعادة تجربة الأخوان الوهابية بغزوهم للكويت والعراق وسوريا عام 1810 والتي انهزمت على أسوار دمشق فشاركت بحشد التكفيريين .
- العائلة المالكة التي وقعت تحت عاملين دفعاها للإنجراف بدعم المشروع التكفيري أولهما محاباة المؤسسة الدينية للإبقاء على ولائها الذي يؤمن المشروعية الدينية للعائلة في مصادرة المملكة وماعليها وما في باطنها وثانيهما الضغط الأميركي عليها مقابل الحماية لإستمرار بقائها في سدة الحكم مع إمكانية فوزها بزعامة العالم الإسلامي.
- طموح بعض الشيوخ والسياسيين والتنافس في إطلاق الفتاوى التكفيرية والدعم المالي وإستقطاب الشباب الرازحين تحت أعباء الظلم الاجتماعي والمعيشي وإنجذابهم نحو التغيير والحرية فوقعوا ضحايا الجهاد الوهمي الخادع ،فقتلوا بوحشية وقتلوا بلا ثمن ملموس وتحولوا إلى أرقام مجهولة في الصحارى والبراري .
أعتقد السعوديون بأنهم قادرون على إحراق بيوت الآخرين وإرتكاب المجازر عند الجيران والأشقاء دون التلوث بالدماء والقدرة على حماية بلادهم من تداعيات التعبئة التكفيرية والشعارات السياسية التي تصدح فيها وسائل إعلامهم طوال اربع سنوات بل وظنوا أن الأميركيين أوفياء وسيبقون إلى جانبهم وانهم سينحازون اليهم وليس الى مصالحهم التي يفضلونها ويقدمونها على كل شيء وأن بإستطاعتهم قيادة التكفيريين كما يقودون السيارة او التلفاز واطمأنو ان مصانع التكفير التي اسسوها في المساجد والمعاهد الدينية لن تتسرب أفكارها إلى المجتمع السعودي او ان تستعمل اميركا التكفيريين لإبتزاز العائلة المالكة اوتغييرها وإسقاطها ... لكنهم وقعوا في الفخ التكفيري وبدأالوحش يخدشهم بعملياته الإرهابية في شرورة والإحساء وصهاريج الغاز وغيره فالتكفيريون من داعش والقاعدة ليسوا بحاجة للتسلل الى السعودية فهم مقيمون فيها ويتدربون فيها والدليل ارقام المعتقلين التي تفصح السلطات عنهم مع تقليل أعدادهم وتضعيف خطورة مخططاتهم .
الخريف السعودي بدأ مع تصريحات نائب الرئيس الأميركي بايدن الذي اتهم السعودية بالمساهمة مع تركيا بصناعة داعش وزادته إصفرارا تصريحات الوليد بن طلال التي أكدت على مسؤولية السعودية في صناعة داعش وأستكملها بالتبرع لعائلات الشهداء بمليونين نصف ريال للتأكيد على أنهم مظلومون ومن قتلهم ظالم وكذلك من يرعاهم ويؤيد فكرهم ، مما أعطى الضوء الأخضر للتكفيريين بأن السعودية أنقلبت عليهم ظاهرا وانغمست في التحالف الدولي ضدهم وعليهم الثأر من الناكثين السعوديين بالبدء بمرحلة تصفية الشيعة (الروافض) في السعودية وليس خارج حدودها لإستدراج الملك لردة فعل توقعه في الإرتباك والإنفعال وهذا ما حصل بعد مجزرة الإحساء التي هدفت لإشعال الفتنة المذهبية السنية والشيعية والتي لم تنجح السلطات في معالجتها بالشكل المطلوب فمن جهة سارعت للتعزية والإدانة ومطاردة المطلوبين لتظهر عدم وتغطيتها لهم، لكنها سارعت أيضا لعزل وإقالة وزير الإعلام الذي تجرأ لإغلاق قناة وصال التكفيرية المحرضة للفتنة والتي رعى حفل تأسيسها الأمير عبد العزيز بن فهد ... والسؤال من نصدق شعارات الإدانة أم إقالة الوزير أو رعاية الأمير ؟
حمى الله الشعب السعودي من الفتنة وحمى المقدسات حتى لا تسقط مقدساتنا مرتين... القدس ومكة والمدينة .