هل يحصد لبنان انتصارات سوريا والعراق
د.نسيب حطيط
عندما اعلنت المقاومة هجرتها للقتال في سوريا حفظاً للدولة السورية من هجمات التكفيريين واستنكر البعض هذا التدخل وفق نظرة ضيقة متعصبة مذهبيا" او سياسيا" بأن ما يجري في سوريا يختص بسوريا ولا علاقة للبنان فيه ،مقابل النظرة الشاملة لمحور المقاومة الذي المنطقة المنطقة وحدة متكاملة لا تتجزأ، لأن الحل في المنطقة سواء على صعيد القضية الفلسطينية او ما سمي الربيع العربي ومصادرة الثروات من النفط والغاز بعد دخول سوريا ولبنان نادي دول والغاز.
عندما توسعت رقعة التكفيريين في سوريا ،تصاعد الوعيد السياسي والثأري في لبنان على ألسنة القادة السياسيين والتنظيمات السياسية وإلى (رضع بعضها )من الثدي السوري اكثر من ثلاثين عاماً وبعضها صمت وتعامل البعض بأن سوريا التي عرفوها لن يطول تشييع النظام ورئيسه إلى مثواهما الأخير اكثر من شهرين او ثلاثة كما توقع العدو الإسرائيلي أيضاً او كما أبلغهم فرددوا وراءه وبدأوا يتعاملون في لبنان مع قوى المقاومة المؤيدة لسوريا (التي بقي القليل منها) وفق مبدأ الغلبة والإنتصار والثأر.
لكن في السنة السادسة للحرب على سوريا انقلبت موازين الميدان والسياسة، ففي السياسة تدخل الروس بعد فترة تردد دامت حوالي الخمس سنوات وأصبحوا في الميدان السوري عسكرياً الذي استطاع محور المقاومة مع الجيش السوري تحقيق الإنتصارات المتسارعة على جميع الجبهات والتي تم تتويجها بإنتصار حلب المدوي والذي أعاد الحرب السورية إلى منتصف العام 2012 عندما سقط جزء من حلب بيد المعارضة .
إن تحرير حلب والمصالحات في أرياف دمشق وغيرها وتجمع المسلحين في مطمر إدلب جعل الدولة السورية وحلفاؤها في موقغ النصر والإمساك بزمام المبادرة مما أربك المحور الأميركي المضاد وشتت أدواته التي يحاول كل واحد منها حفظ رأسه أوعلى الأقل حفظ دوره وعدم التهميش بعد خمس سنوات من التمويل والتهديد والإنذارات التي كانت لا تتعدى "الخمس دقائق" لسوريا وفق وزير خارجية قطر المعزول حمد بن جاسم في الجامعة العربية.
إن صمود محور المقاومة وممثليه في لبنان استطاع فرض مرشحهم لرئاسة الجمهورية بالإضافة إلى تمثيلهم الحكومي لكن الأهم هي طريقة "طبخ" وصناعة الحكومة حيث تغيرت طريقة التشكيل وتغير اللاعبين وتحجيم بعض القوى وزعماء الطوائف ،بما يناسب قوتهم خاصة وانهم يعيشون القلق والخوف من بقاء الرئيس الأسد في سوريا والذي حلموا وعملوا ان يختفي من المشهد السياسي حتى لا يسددوا ديونهم لسوريا والتي استدانوها منذ السبعينات وحتى يركبوا الموجة الجديدة مع المعارضة السورية !
لبنان هو مرآة الميدان السوري – العراقي والعلاقة بينهما علاقة عضوية فإن خسر محور المقاومة فيها خسر في لبنان وحوصر وتم شطبه وملاحقته والعكس بالعكس ولذا فإن أي تقدم في الميدان يتم صرفه بالسياسة خاصة وان حلفاء ومؤيدي المقاومة السورية وخاصة التكفيرية منتشرون في لبنان بين الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين ولهم رعاتهم ومن يحميهم ويقدم لهم التسهيلات دفاعاً عن نفسه.
لكن السؤال الأساسي ..هل ان الهزيمة اللاحقة بالتكفيريين والمشروع الأميركي في سوريا والعراق تهدد الساحة اللبنانية لإستنزاف المقاومة التي تهدد العدو الإسرائيلي خاصة وان كل الرهانات التي تمناها الإسرائيلي وشركاؤه العرب واللبنانيين والغربيين قد سقطت بصمود سوريا شريان المقاومة وقلبها النابض وانضمام العراق واليمن إلى جبهة المقاومة وبدل ان تتصحر المقاومة توسعت وانتشرت وكانت النتائج عكسية وكارثية على المحور الأميركي – الصهيوني – الخليجي.
من هنا يأتي الخوف والقلق من توظيف العامل الفلسطيني والسوري في لبنان ضد المقاومة برعاية خليجية وإسرائيلية خاصة بعد التصريحات المستفزة لأحد قيادات حماس الذي صرح (بمقاتلة الفكر الشيعي) ولم يكذبه احد من حماس الى شن حملة إعتقالات وترهيب ضد كل من يؤيد المقاومة وسوريا في غزة.
هل سنشهد في لبنان ولادة احد الأشقاء (لأكناف بيت المقدس) في مخيم اليرموك في سوريا الذي يرتبط بعناصر حماس (والذين قالت حماس انهم إنشقوا عنها !) وكذلك أشقاء انصار بيت المقدس في سيناء على حدود غزة. وعندها سيكون تنظيم (...بيت المقدس) في المخيمات الفلسطينية خاصة في مخيم عين الحلوة لإفتعال المعارك ضد المقاومة وتدميرها داخلياً مع بيئتها بعد فشل استنزافها في سوريا وكذلك المخيمات لتتخلص اسرائيل من الإثنين معا"؟.
لبنان ساحة صراع سياسي ساخن وصندوق بريد لتبادل الرسائل بالإضافة لكونه "مقهى" لإدارة الصراع بين أجهزة المخابرات في المنطقة... فهل يتحول في لحظة ما إلى ساحة صراع دام بعد الإنفعال الخليجي والإسرائيلي ؟