هل يعيد بوتين زمن خروتشوف الدولي من سوريا
د.نسيب حطيط
في العام 1960,وضع خروتشوف زعيم الإتحاد السوفياتي السابق حذائه على منصة الأمم المتحدة متحديا اميركا وفي وقت آخر كانت أزمة خليج الخنازير بين اميركا والإتحاد السوفياتي في كوبا حول الصواريخ السوفياتية والتي كادت تتسبب بحرب نووية بين العملاقين ،ثم تفكك الإتحاد السوفياتي وولد وريثه الإتحاد الروسي الذي بلغ الخمسة وعشرين عاما من العمر الكياني و شطب من المسرح الدولي وولدت منظومة القطب الأوحد والطاغوتي الذي اجتاح العالم بلا إستئذان ونصب نفسه بابا العالم ومرشده ومعلمه الحاكم المطلق الصلاحية ،فما يقوله هو القانون ومايرفضه فهو الشر المطلق، معلنا" حربه الصليبية عبر الرئيس بوش والمحافظين الجدد ثم وصف الدول الغير خاضعة له بمحور الشر ونعت حركات المقاومة بالحركات الإرهابية ....انه السيد الأميركي .
لم يقف في وجه الغطرسة الأميركية إلا بعض حركات المقاومة حاصة في لبنان وفلسطين والعراق وبعض الدول المقاومة مثال ايران وسوريا وبعض دول اميركا اللآتينية وكوريا الشمالية ،سقط العالم بالقبضىة الأميركية واصبح بعض الحكام من المقتنيات الأميركية في السلطة ثم تصرف الأميركيون ان الولايات المتحدة الأميركية هي كل العالم والدول مجرد ولايات اميركية لاتنتخب شعوبها الحاكم، بل تعينه اميركا ومن ينتخبه شعبه ولاترضى عنهاميركا، فليس شرعيا ويجب ترحيله بالثورات المفبركة التي تتكون من التكفيريين والمسجونين والمجرمين الذين اطلقتهم اميركا بعد تجنيدهم في سجونها في العراق وغوانتنامو وسجون حلفائها فكانت الثورة البرتقالية في اوكرانيا والخضراء في ايران والياسمين في تونس والربيع الدموي العربي .
صمدت سوريا ومحور المقاومة حتى استيقظ الروس والصينيون وانتبهوا بأن دورهم سيحين بعد وقت ليس ببعيد وستحاصرهم اميركا بالنفط والغاز وتشعل دولهم بالتكفيريين ثم تقسمهم من جديد ...لكن ذلك كان على حساب سوريا والمقاومة وايران الذين قاتلوا باللحم الحي وصمدوا بوجه المشروع الأميركي حتيى اقتنع الرئيس الروسي بوتين ان التكفيريين سينتقلون اليه في الجمهوريات الأسيوية وحتى داخل موسكو وكذلك الصينيين عبر تحجيم اقتصادهم بالحصار النفطي وحقوق الإنسان والاقليات المسلمة من الإيغور والهوي الذين تسيطر عليهم السعودية وتركيا .
انتبه الروس ووجدوا انفسهم على شفير الهاوية وان اميركا تعاملهم كدولة من العالم الثالث ،فحاصرتهم كما ايران وسوريا وكوريا الشمالية وبدأت تناوشهم في اوكرانيا ..مما دفع الرئيس بوتين للإنتفاضة الدولية وتجاوز الخطوط الحمر اللأميركية بالتدخل خارج الحدود الروسية منذ تفكك الإتحاد السوفياتي والتحرك للضغط لتسوية الملف النووي الإيراني وتوج ذلك بالتدخلالعسكري في سوريا ولأول مرة خارج السيطرة الأميركية وانشاء تحالف دولي جديد مضاد التكفيريين وداعش مقابل التحالف الدولي الخادع بقيادة اميركا ،ان التدخل العسكري الروسي في سوريا بدأ يكتب مرخلة جديدة في العالم لتحقيق الأهداف التالية :
- إلغاء منظومة القطب الأميركي الواحد لصالح منظومة الأقطاب المتعددة.
- اعلان الحرب ضد الإرهاب التكفيري الذي صنعته اميركا كسلاح دمار شامل يمكن التحكم به وفق المصالح الأميركية .
- بداية تأسيس حلف عسكري يواكب التحالف الإقتادي لدول البريكس ومنظمة شنغهاي والبنك الدولي الآسيوي كمنظومة عالمية تقابل المنظومة الرأسمالية الأميركية –الغربية .-
- انتهاء ماسمي الربيع العربي بدون تحقيق الأهداف الأميركية الكاملة بهزيمة محور المقاومة او تقسيم الشرق الأوسط وفق المخطط الأميركي .
- عرقلة المخطط الأميركي بتقسيم روسيا والصين من خلال نقل التكفيريين (المارينز التكفيري) الى اراضيهما .
- الخطر الذي يلوح بإمكانة إنزلاق الجميع الى حرب غير مخطط لها بل يمكن ان تشتعل بالصدفة بحادث عرضي غير مقصود ،خاصة وان الأمريكيين مربكون وخائبون وبدأت ادواتهم في السعودية وتركيا يحاولون تجربة حظهم لتحيقق أهدافهم ذاتيا او لتوريط اميركا اكثر في حروب اليمن والمناطق التركية الآمنة في سوريا .
بدء تذويب الإتحاد الأوروبي والغاء دوره الدولي الذي ترسمه اميركا لعدم امكانية اعطائه حصة في الجبنة الدولية لكثرة اللاعبين وعدم استعداد اميركا للتنازل من حصتها لهم ولذا نرى الغباء الفرنسي في الموقف السلبي في الملف النووي الإيراني وكذلك في القضية السورية والذي سيدفع ثمنه الإقتصاد الفرنسي .
انه عصر الأقطاب الدوليين المتعدد وعصر الدول العظمى في الإقليم ونهاية دول المال والنفط والعائلات المالكة التي بدأإنتهاء دورها لفشلها في الربيع العربي وقرب انتهاء مخزونها النفطي ايضا"
هل تعود روسيا بقيادة بوتين مع حلفائها بتثبيت التوازن الدولي والحرب الباردة مع لفحات حارة احيانا.!