هل يعين حفتر رئيسا في ليبيا
د.نسيب حطيط
تتوالى حلقات سلسلة حكم الجنرالات أو الجيوش، للقضاء على الوحش التكفيري الذي صنعته أميركا وأدواتها في المنطقة وبعد فشل مشروع الإخوان المسلمين لإستلام الحكم في العالم العربي ،تراجع الأميركيون إلى الخطة البديلة (ب) وأعادوا دعم الجيوش ويبدو أن حلقة اللواء حفتر هي الحلقة الوسطى بين حلقة الجيش المصري (السيسي) وحلقة الجيش الجزائري (أبو تفليقة) لإقامة سلسلة عسكرية من الجزائر إلى تونس وليبيا وصولاً إلى مصر .
إن إختيار اللواء حفتر لم يكن بالصدفة بل وفق دراسة وتخطيط ذكي لإمتلاك اللواء حفتر مواصفات ومميزات تعطيه غطاءً سياسياً وشعبياً تفتقر إليه أكثر الشخصيات الليبية التي ورثت القذافي ومنها:
- اللواء حفتر قائد القوة الليبية التي شاركت في حرب تشرين 1973 على جبهة السويس وحائزعلى نجمة العبور المصرية.
- اللواء حفتر قائد القوات الليبية التي اجتاحت تشاد واستطاع تحقيق إنتصارات فيه حتى وقوعه في الأسر مع مئات من الجنود الليبيين وتخلي القذافي عنهم.
- إنشقاق اللواء حفتر عن نظام القذافي منذ الثمانينات وإنشاء الجيش الوطني الليبي لإسقاط القذافي.
- اللواء حفتر هو المسؤول عن محاولة إغتيال القذافي عام 1995.
- لجوء اللواء حفتر إلى أميركا لمدة عشرين عاماً ورجوعه بعد سقوط القذافي عام 2011.
إن هذا التاريخ العسكري والسياسي للواء حفتر يضفي الضبابية على المخططات والأهداف الحقيقية لحركته وكذلك إرتباطاته ومشروعه السباسي حيث يتأرجح ماضيه بين أمرين:
- كفاءته العسكرية ودوره المركزي أي الذراع العسكرية للقذافي في الخارج (مصر وتشاد).
- إرتباطه الوثيق بالإدارة الأميركية دون وجود شراكة أوروبية أو عربية فيه ،مما يعني أن الإدارة الأميركية عادت لإدارة الوضع الليبي مباشرة دون وسطاء (قطر – السعودية- فرنسا) خاصة وأن التخوف الغربي والأميركي من سيطرة التكفيريين على ساحل المتوسط الممتد من المغرب حتى لبنان مروراً بليبيا والجزائر مما يجعلهم جزء من مشروع البحر المتوسط وإنكشاف أوروبا على موجات اللاجئين والتكفيريين و للإنطلاق نحو القارة الأميركية واستراليا في الوقت الذي تعاني فيه هذه البلاد من أزمات مالية وإقتصادية وإجتماعية والتي ستتعرض للإهتزاز عند أي حادث أمني أو تفجير .
إن ليبيا المفتوحة على قلب أفريقيا وما تملكه من ثروات نفطية ومواد أولية تمثل موقعا استراتيجيا للقوة الأميركية في أفريقيا خاصة بعد تكاثر التنظيمات السلفية التابعة للقاعدة في مالي ونيجيريا.
والسؤال هل ينجح اللواء حفتر بإعادة توحيد ليبيا والسيطرة على السلطة ؟
هل سيكون اللواء حفتر الوكيل الأميركي والقائم بأعمال المشروع الأميركي في المغرب العربي ؟
هل سيشكل تحالف (السيسي – حفتر - أبو تفليقة) فك الكماشة الثاني لكسر (جوزة) التكفير في العالم العربي؟.
سقط الإخوان في مصر وسوريا والجزائر وتراجع الإخوان تكتيكياً في تونس عبر التطبيع مع العدو الإسرائيلي.
الإستعمار الأميركي يعود إلى الأراضي الليبية بعد إسقاط القذافي الذي أنهك ليبيا ودمر الدولة والمؤسسات والمجتمع الليبي جاءت المرحلة الثانية لتستكمل تدمير بعض ما بناه القذافي. المأساة الكبرى هو ما فعلته ما يسمى قوى الثورة الليبية بعد مقتل القذافي حيث دمرت البقية الباقية من مؤسسات الدولة الليبية وتكاثرت الميليشيات المسلحة المناطقية وبدأ (فيروس) الإنفصال والفدرالية والقبلية وأصبحت السلطة للمسلح لا للسياسي، فكان ثوار 17 فبراير (دولة بنغازي) وثوار (دولة مصراتة) وثوار (دولة برقة) والجيش الوطني الليبي (الرسمي) في طرابلس العاصمة ،مما يعني أن ليبيا هي مجموعة من الميليشيات والقبائل المسلحة والأشخاص الطامحين للحكم والسلطة والمال في تقليد مشوه لمنهج القذافي وعائلته واصيب الشعب الليبي بالصدمة وخيبة أمل مما يسمى قيادة الثورة الليبية والأسوأ إكتشاف البعض من الليبيين أنهم باتوا ضحية معركة السيطرة على النفط الليبي والموقع الجيوسياسي وطموح بعض الإمارات الخليجية وتفسير أحلامها لتتحول إلى مركز قيادة العالم العربي بواسطة أموال الغاز.
والسؤال هل ينجح اللواء حفتر في توحيد ليبيا والسيطرة على السلطة ؟
أستيقظت أميركا وأوروبا من أحلامها الوهمية بإسقاط الشرق الأوسط بواسطة التكفيريين دون عناء أو غزو عسكري وأثمانه الباهظة وذلك عندما صمد محور المقاومة على أرض سوريا وانكسر المشروع الإستعماري الجديد وبدأ التكفيريون بالإستسلام والعودة إلى أوطانهم إما للسلام أو الإنتقام ممن أرسلهم للقتل وقبض ثمن أرواحهم نفطاً وثروات وسلطة .
ليبيا أمام معارك طاحنة بين الميليشيات التي ذاقت طعم السلطة والمال بعد أربعين عاماً من الحرمان والقهر في عهد القذافي المشؤوم وبين مشروع اللواء حفتر بما يمثل من تحالف بين الجيش وأنصار القذافي وحلف الناتو.
هل ينجح اللواء حفتر وداعميه في حسم المعركة ؟ أم أن ليبيا أمام (عشرية سوداء) تشبه العشرية السوداء في الجزائر في تسعينيات القرن الماضي.
حمى الله الشعب الليبي الذي ينتقل من دائرة قهر القذافي إلى دائرة قهر ودمار الناتو إلى جحيم صراعات المليشيات الليبية.
وداعاً للربيع العربي الذي قتله الإخوان والتكفيريون والذي دفن أحلام الشعوب بالتغيير وأعاد العالم العربي عقوداً إلى الوراء ودمر ما تم بناؤه منذ إستقلال الدول العربية حتى الآن ...