هل يفوز اليمين في فرنسا وألمانيا
د.نسيب حطيط
بعد الحرب العالمية الثانية تم حصار الأفكار المتطرفة والعنصرية في أوروبا خاصة النازية الألمانية والفاشية الإيطالية وغيرها وتقلّد السلطة الحاكمة ما عرف باليسار الأوروبي الإشتراكي في فرنسا او الديمقراطي المسيحي في المانيا وتراجع الفكر اليميني المتطرف دون ان يغيب عن الساحة السياسية حيث عاد وظهر في ثمانيات القرن الماضي بقوة .
إن ظاهرة عودة اليمين لإستلام الحكم في الدول الرئيسة في أوروبا او المشاركة المؤثرة تستند الى عوامل متعددة داخلية وخارجية وإن كانت العوامل الداخلية والخوف من الخارج (المهاجرين) هي العامل الأبرز في تقدم الخطاب اليميني ومرشحيه حيث أعطت نتائج الانتخابات الأميركية وفوز "ترامب" الزخم والحافز الأكبر لهذ الأحزاب اليمينية ،حيث لاقت شعارات العداء للمهاجرين وشعارات تأمين الحاجات المعيشية للمواطن الأميركي ردة فعل إيجابية لصالح "ترامب" مع أن مشكلة المهاجرين المتطرفين في أميركا لا تقاس بخطورة المتطرفين في أوروبا حيث تتميز أوروبا عن أميركا بأمرين أساسيين :
- أولهما التواصل الجغرافي المباشر مع دول العالمين العربي والإسلامي خلاف البعد بين أميركا والشرق الأوسط .
- ثانيهما النسبة المئوية للمسلمين خصوصا في أوروبا حيث يمثل المسلمين الجالية الكبرى في فرنسا (الديانة الثانية) وتنامت بكل كبير نتيجة الغباء والتدخل الأوروبي في الأزمة السورية ومحاولة الضغط على الدولة السورية بورقة اللاجئين التي فتحت أوروبا أبوابها للدخول اليها وكذلك لخروج التكفيريين وتسفيرهم لسوريا والعراق .
إن ألازمة الاقتصادية وتصحر الدور السياسي للقارة الأوروبية و"فوبيا التفكك" بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ،كعوامل إضافية لأزمة اللاجئين وتنامي اعداد التكفيريين فيها انتج ازمة هوية ومواطنة واندماج وقلق وخوف وعدم الاستقرار وقد ساهمت العمليات الإرهابية في فرنسا وبلجيكا بشكل خاص وما أنتجته من ردات فعل من المتطرفين بزيادة التأييد للأحزاب اليمينية الأوروبية وقد ظهر في الانتخابات التمهيدية الفرنسية عبر الجبهة الوطنية الفرنسية والألمانية من خلال الحزب المتطرف ، حزب البديل من أجل ألمانيا أو حزب رابطة الشمال الإيطالي والأكثر من ذلك ظهرت مسألة إزدواجية الخطاب السياسي وتداول السلطة ففي الوقت الذي تدين أوروبا مثلا استمرار الرئيس الأسد بالبقاء في السلطة عبر الانتخابات الديمقراطية تترشح المستشارة الإلمانية انجيلا ميركل للدورة الرابعة وهي التي تحكم منذ العام 2005!
إن المؤشرات السياسية و الإجتماعية في أوروبا تشير الى طغيان الخطاب اليميني ونجاحه إما مباشرة عبر الفوز بالأغلبية وإستلام مقاليد السلطة او تأثره غير المباشر في الضغط على الأحزاب والقوى السياسية بمراعاة خطابه وتنفيذ بعض طلباته لتنفيس الإحتقان الشعبي وهذا ما ظهر في تفكيك مخيمات اللاجئين في فرنسا وألمانيا بالإضافة لإمتناع بعض الدول الأوروبية من إستقبال اللاجئين، مما يؤكد إنتصار الخطاب السياسي والثقافي لليمين الأوروبي.
إن القوى السياسية الحاكمة في أوروبا تشيع أن روسيا تدعم اليمين الأوروبي بسبب خوفها من تضخم أعداد المتطرفين الإسلاميين وحضانتهم في أوروبا لتسهيل إنطلاقهم بإتجاه روسيا لزعزعة الأمن والإستقرار من الداخل لعجز حلف "الناتو" عن إفتعال الحرب وكذلك تكرار تجربة الأفغان العرب ضد الإتحاد السوفياتي وتجربة التكفيريين من داعش والنصرة في سوريا والعراق و غيرها .
هل سيدفع المسلمون المهاجرون ثمن الإرهاب التكفيري والتطرف الوهابي المنتشر في أوروبا بتواطؤ رسمي من الأحزاب الحاكمة لبدء عملية تطهير عرقي وديني في أوروبا بحجة الحفظ على الأمن و الإستقرار و لمكافحة البطالة عند الأوروبيين حيث تقول مؤسساتهم الإحصائية أن ما يأخذه المهاجرون من ميزانيات الدول أكثر مما يعطوه وينتجوه وذلك على حساب السكان الأصليين .
لقد بدأت مظاهر فوز اليمين عبر النتائج التي أحرزها "فرنسوا فيون" والتي ستؤهله للفوز بالرئاسة الفرنسية والسؤال....هل سنشهد بعض التفجيرات او العمليات الإرهابية المفتعلة من المخابرات عبر التكفيريين لدعم الأحزاب اليمينية اقبل الانتخابات؟