إن منظومة الحديث السياسي قبل الإنسحاب السوري من لبنان عام 2005كانت تستوجب تلقيح الخطاب, أو التصريح لأي شخصية سياسية,بمقولة(وحدة المسارين اللبناني و السوري) كلازمة كلامية، ولم تكن هذه المقولة,حكرا على الأحزاب الحليفة لسوريا, بل كانت في الخطاب الرسمي والشعبي والسياسي،ما عدا قله كانت تقول بفصل المسارين عن بعضهما، ليستطيع لبنان صياغة قراره المستقل والإنسحاب التدريجي من مهامه القومية،وشراكته في القضية الفلسطينية,خاصة بعد الإجتياح الإسرائيلي عام1982ومحاولة توقيع إتفاق17آيار كمعاهدة سلام مع لبنان.وقد نجحت القوى السياسية المقاومة للمشروع الأميركي والإسرائيلي, وبالتعاون مع سوريا,من إسقاط هذا المشروع،وإبقاء لبنان داخل المنظومة العربية, ولكن في موقع عسكريا,عبر المقاومة,التي أحرزت نصرا ميدانيا عام2000،ولكن ما يلفت الإنتباه الآن،أنه بعد إنطلاقة ما يسمى ثورة الأرز وشعاراتها من قبل فريق14آذار(المعدل)بعد إنسحاب التيار الوطني الحر،وبعد إنفكاك المسارين اللبناني والسوري على الأقل رسميا وتجميد المعاهدات والهيئات السياسية المشتركة،ظهرت مطالبة إسرائيلية صريحة, بإعادة ربط المسارين مع بعضهما من خلال تصريحات الرئيس الإسرائيلي بيريز،الذي طالب بأن تربط المفاوضات مع سوريا بشرط عدم إسقاطها لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة وهذا ما يثير الإستغراب حيث أن القرار الإسرائيلي يحاول بناء مثلث تفاوضي تمثل،إسرائيل ولبنان وسوريا،رؤوسه الثلاثة خلافا لما كان يطالب به فريق 14آذار لأن في ذلك مصادرة لإستقلال لبنان. إذا طالب بعض اللبنانين بذلك،لكن إذا طالبت إسرائيل بوحدة المسار فلم نسمع أي تعليق أو رفض لهذه المقولة.وقد سبقت المطالبة الإسرائيلية بربط المسارين اللبناني والسوري ،مطالبة أميركية,بربط المسار اللبناني بالأمن القومي الأميركي,عندما أعلن الرئيس الأميركي أن حماية حكومة الرئيس السنيورة جزء من الأمن القومي الأميركي،وأقرب نقطة للأمن القومي الأميركي الآن هي العراق،وبالتالي فإن المشهد السياسي اللبناني يرتبط أميركيا بما يجري في العراق على صعيد المفاوضات(بالنار)العمليات ضد الجيش الأميركي أو على صعيد المفاوضات السياسية مع إيران وسوريا ودول الجوار,وبالتالي فإن لبنان مرتبط بمحورين :
- محور إسرائيلي وأميركي،يقابله محور الممانعة المتمثل بالتحالف الإيراني-السوري ويلعب الفرقاء اللبنانيون على إختلاف إنتماءاتهم صفة الوكلاء والضحايا في نفس الوقت للصراع الأقليمي-الدولي،وبشكل خاص ضحايا المأزق الأميركي في مشروع الشرق الأوسط الجديد الفاشل حتى اللحظة،وضحايا الثأروالحقد الإسرائيلي بعد هزيمة حرب تموز.وبالتالي فإن أي طرح للوفاق والتسوية الداخلية،لن يثمر إيجابية طالما أن القرار الأميركي يعمل للسيطرة على الساحة اللبنانية,كتعويض عن خسارته للساحات الأخرى في أفغانستان والعراق وفلسطين، والخوف أن يلجأ الأميركي بالتعاون مع الإسرائيلي لإستغلال ا لتناقض الداخلي,ودفع لبنان إلى(الفوضى القاتلة)بديلا عن الفوضى المنظمة،ويكون اللبنانيون ضحايا الديمقراطية الإلزامية .وفق الطريقة الأميركية ويتحولوا الى رهائن للقرار الأميركي حتى نهاية عام 2008،كرد فعل مماثل على رهائن السفارة الأميركية في طهران الذين أطلق سراحهم عشية الإنتخابات الرئاسية في عهد كلينتون.فهل يسقط اللبنانيون في فخ المعارك الداخلية الوهمية التي تغطي المعركة الخارجية الأساسية،وهم يعلمون أن أي موقع رئاسي أو رسمي في لبنان لا يملك القوة ذاتيا،ولكن بما يؤمنه له التوافق الداخلي وفي لبنان لا يستقيم أي نصاب سوى نصاب الوفاق والوحدة الداخلية...لإنقاذ المواطنين من النعوش القادمة ...؟؟