مما يثير الدهشة والإستغراب،ما تقوم به الإدارة الأميركية،من نبش للتاريخ وإصدار للأحكام على ما قام به الآخرون في الماضي,وكأنها تمثل الإرادة الإلهية،أو الحاكم المطلق للعالم، عبر تعميم مصطلحاتها وأحكامها المتغيرة وفقا لمصالحها،ودعمها للديمقراطية التي تفتح أبواب الأوطان أمامها,ومعارضتها للديمقراطية التي تحفظ حق الشعوب،وانتقاء الجريمة التي يجب العقاب عليها،وتجاوز الجرائم المرتكبة أميركيا في فيتنام،ونيكارغوا وأفغانستان والعراق، سواء عبر الجيش الأميركي مباشرة أو عبر شركات الأمن الخاصة،وتجاوز ما تقوم به إسرائيل من إغتيالات للزعماء والمجاهدين وعائلاتهم على المستوى الشخصي في فلسطين ولبنان،أو على مستوى المجازر الجماعية في مصر وفلسطين ولبنان وسوريا...وكأن الجريمة والإرهاب الأميركي أو الإسرائيلي أو إرهاب الأنظمة الحليفة سيكون دفاعا عن النفس إسرائيليا,أو حفظا للنظام على مستوى الأنظمة الحليفة،ومحاربة للإرهاب العالمي على المستوى الأميركي.ومع إدانتنا لكل جريمة ترتكب ضد أي فرد أو جماعة أو شعب بسبب المعتقد الديني أو السياسي أو الفكري،فإن إصدار بعض القرارات لمعالجة أحداث تاريخية حصلت في القرن الماضي،يطرح علامات إستفهام وأسئلة كثيرة عن الأهداف والأبعاد,و منها قرار الكونغرس الأميركي حول تقسيم العراق,كمقدمة لتقسيم الدول المجاورة والبعيدة في الشرق الأوسط, حيث مهد هذا القرار،لإصدار قرار(إدانة إبادة الأرمن)في تركيا قبل حوالي قرن من الزمن,كجريمة ضد الإنسانية،لتحريض الذاكرة الأرمنية .ضد الانتماء الوطني التركي و على المستوى الانتماء العقائدي ضد المسلمين لطلب الحماية الدولية أو الأميركية وذلك لتحقيق هدفين:
أولهمــا:الرد الأميركي على إستلام حزب العدالة والتنمية للنظام السياسي التركي، ولتذكير العالم,أن الإبادة الأرمنية،حدثت في عهد الحكم الإسلامي،فيما كانت العلمانية ضمانة للأرمن،(ويعود الخطر الإسلامي الحديث,وفق الإيحاء الأميركي لدفع الأرمن للمطالبة بالانفصال خوفا من تكرار المأساة .
والهــدف الثانــي:البدء بالتمهيد لتقسيم تركيا ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد، أولا على الصعيد الطائفي،أرمن ومسلمون،وبعدها التقسيم القومي الترك والأكراد،وختاما التقسيم المذهبي السنة والعلويون،لتتحول تركيا إلى أقاليم ثلاثة تماثل الحالة العراقية بأقاليمها الكردية والسنية الشيعية.
ويطـرح السـؤال البديهـي والمنطقـي مـاذا لـو تـم إعـادة نبـش جرائـم الأميركييـن الأساسيـة والمتواصلـة وأهمهـا:
إبادة الهنود الحمر،سكان الولايات الأميركية الأصليين،وإبادتهم على المستوى الحضاري والمدني والإنساني وإحتلال أرضهم واغتصابها.
-جريمة نقل العبيد من أفريقيا إلى أميركا،دون أي معاملة إنسانية أو حفظ لأي حق،وإنما اختطاف عائلات وقبائل بأجمعها كالطرائد.
-وبيعها في سوق العبيد،وإلإستمرار بهذه المعاملة حتى يومنا هذا بعنوان(التمييز العنصري) على أساس العرق واللون.
هل تبادر الأمم المتحدة،أو بلدان العالم المتحررة إلى طرح إبادة الهنود الحمر في أميركا, كجريمة ضد الإنسانية؟؟ ...
هل تبادر الامم المتحدة أو الشعب الجزائري لمقاضاة فرنسا حول المليون شهيد ضد الإستعمار الفرنسي؟...
هل تبادر الحكومة الهندية لمقاضاة بريطانيا عن إستعمارها ومآسيه قبل تحرير الهند؟....
المشكلة الأساس أن الشعوب تتناحر على فتات المصالح ويقاتل بعضها ليكون خادما وعبدا لأميركا أو لغيرها،فيما تعمم أميركا مصطلحاتها وعقوباتها وأحكامها وفق ما يخدم مصالحها لتبقى(السيد العالمي)للشعوب المستعبدة,من البيض والسود والملونين،لا فرق،طالما أنها تحمل بطاقة(عبدٍ لأميركا).