هل أسقطت المرجعيات الروحية دورها الإنقاذي والتوحيدي قبل سقوط الحكومة أو الحل السياسي التوحيدي...؟؟هل فقدت القمة الروحية تأثيرها وفعاليتها لأن انعقادها صاربناء للطلب،وليست فعل إرادة أو القيام بالواجب؟هل أصبحت المرجعيات الروحية فريقاٌ تابعاٌ للمرجعيات السياسية داخل الطائفة،وتصبح القمة الروحية فريقاٌ سياسيا ٌيضيع بين أسماء القوى والتجمعات السياسية؟هذه الأسئلة لا بد من طرحها لأننا نرى آخر قوارب النجاة قد(خرق)و لأن الغريق يتمسك بخشبة الدعاء أو(النذر)للمسجد وشيخه,وللكنيسة ومطرانها،فيأتي رجل الدين ليقطع جسر الثقة بينه وبين العباد,لأنه لم يستطع أن يقيد(السياسي)وجموحه,بتسامح الدين وهدوئه,بل ينقاد إليه ويهديه شيئاٌ لا يملكه وهو سلطة(الفكر الديني)التي باتت ملك يديه,ويحسب أنه حر التصرف بها دون قيود,بينما الواقع عكس ذلك، فتراه ينقل موقع العبادة إلى(قصر السياسي)بدل أن ينقل السياسي إلى(مكان العبادة) وفي المنطق،فالكلام وليد بيئته وأسيرمصطلحاتها فيصبح(الروحي)(مأموماٌ)غير إمام ويصبح السياسي(إماماٌ)وبالتالي يكون رجل الدين قد وضع(الدين)وقيمه ونظامه وأخلاقياته وراء السياسي وقوانينه الوضعية,وبالتالي خالف عن غير قصد في غمرة الأحداث السياسية،الأمر الإلهي(إن الحكم إلا لله).ويمكن أن يبرر للسياسي إجتهاده المطلق في السياسة الذي يحكمه منطق الربح دون أي إعتبار للوسيلة,أو إلحاق الضرر بالغير لكن(الروحي)مقيد بالإجتهاد السياسي وغيره ضمن الطاعة الإلهية فلا يملك الحق بالإجتهاد في(المحكم من الأحكام)خاصة في لحظة مصيرية يعيشها لبنان والمنطقة بل العالم,فإذا كان نظام الحكم-في لبنان يتعرض للإهتزاز وعدم الإعتراف بالآخر-فرئاسة الجمهورية يشكك البعض بمشروعيتها ودستوريتها،و كذلك رئاسة الحكومة والمجلس الدستوري وغيره من المؤسسات,فهل يخسر المواطن اللبناني المؤسسات التي صنعها بيديه ويتجاوز كل ذلك وبمساعدة المرجعيات الروحية ورجال الدين إلى التشكيك بشرعية(المؤسسة الدينية)ليصل إلى التشكيك بعدالة وقدسية الفكر الديني.. وإذا كانت المراجع الروحية ورجال الدين قد إستدرجت لاءستعمالها كأدوات في الصراع السياسي,لا تملك فيه إمكانية الحل أو الرابط، وأنما تعمل لتغطية المواقف السياسية من هنا وهناك،مما يجعل كلمة رجل الدين صدى في الهواء لا يستجيب لندائها أحد ولا تمنع أحدا,ولا تأمر أحداٌ،وأسوأ ما وصلت إليه المرجعيات الدينية,أنها تحولت إلى مؤسسات رسمية ترتبط بالسلطة برواتبها ونظامها الإداري وميزانياتها, فوجدت نفسها أسيرة القرار السياسي للذي(يمولها أويعينها)
ولا تستطيع التفلت منه,فأصبحت مضطرة للتعليق على كل موقف سياسي يصدر سواء تأييداٌ أو إستنكاراٌ,شأنها شأن أي تنظيم أو تجمع أو شخصية سياسية فاستدرجت إلى التفاصيل السياسية اليومية، بينما واجبها أن تبقى في واقع رسم الخطوط العامة لأنها لا تمسك بزمام السلطة حتى تتدخل في التفاصيل.لذا فإننا ننبه إلى خطورة ما يجري على صعيد الخطاب الديني الذي ينزلق إلى تأجيج الصراعات والخلافات المذهبية والطائفية.بدل أن يكون(الماء المقدس)ليطفى نار الفتنة،ومما يثيرالدهشة والغرابة أنه لو راقبنا زيارات رجال الدين إلى السياسيين لوجدناها أكثرمن زيارةالمرجعيات السياسية لرجال الدين,ونحن لا نشجع أن يبقى رجل الدين في صومعته ,دون أن ينزل إلى ساحة العمل الإجتماعي والسياسي,بل نستغرب أن تكون كلمة السياسي فوق كلمة الروحي,وليس العكس,ومن يبرر أنه لا يملك سوى(الكلمة)دون السلطة أو البندقية أو(الشارع) فإننا نقول أن من يملك كلمة(الحق العادلة)سيرى انحياز الناس إليه دون أن يطلب منها وتصبح(كلمته)قائدة للسلطة وللبندقية والشارع,وفي التاريخ أمثلة كثيرة شاهدة حديثاٌ وقديماٌ.
لكننا على أبواب خسارة آخر حصن من حصوننا,التي تحفظ أمننا الإجتماعي والفكري والسياسي والأمني,وهي المؤسسة الدينية الجامعة والمؤثرة والتي يساهم البعض في تحييدهاعن التأثير بواسطة إغراقها بالتفاصيل اليومية التي تحتمل الخطأ والصواب,وتصل إلى حد التناقض في خطب يكاد لا يمر عليها أسبوع واحد ,بينما الفكر الديني يتميز بالثبات لأنه خارج الرؤية الضيقة أو الطائفية أو المناطقية.نداؤنا إلى السادة الأجلاء والمراجع الروحية الكريمة ورجال الدين الأعزاء من مختلف الطوائف،أن يكونوا مرآة ما يحملون من فكر،وليس مرآه ما يسمعون او يطلب منهم،فإن أمانة الدعوه للخير والعدالة والأخوة هي رسالتكم وعليكم التمسك بها حتى لو كانت كالجمر,فقد ارتضيتم أن تكونوا حملة هذا اللواء الإلهي المقدس بإختياركم وقناعاتكم دون إكراه.وعليكم الإستمرار في ذلك خاصة في لحظات الفتنة, فضوء الشمعة لا يفيد الا في الظلام أو في السراديب ولا ينفع في ضوء الشمس،ونحن الآن في سراديب الفتنة وإنفاقها فلتكن شموعكم المتواضعة,خط يسر يهدي المتصارعين إلى باب النجاة.لا أن توقدوا بلهب شموعكم ألسنة السياسيين لتحرقوا ما تبقى من وحدة وأمن واستقرار،وإلا تكونوا قد تخليتم عن الأمانة التي ارتضيتم حملها(إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنهاوأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماٌ جهولاٌ)(الأحزاب 72).لذا نناشدكم جميعاٌ فلتحافظوا على قارب نجاة في لبنان, لعله يحمل هذا الوطن وأهله إلى شاطئ الأمان لأنه إذا تخاصم الجميع مع الجميع ولم يبق في الوطن محايد أو حكم عادل,فسيأتي من الخارج حكم أو وسيط,يعمل وفق مصالحه على حساب مصلحة اللبنانيين ونكون قد حاولنا ربح العالم وخسرنا أنفسنا ووطننا،وفي ذلك الخسران الكبير.