إن دعوة الرئيس الأميركي بوش,لعقد مؤتمر السلام في تشرين الثاني المقبل ، لدفع عملية السلام على المسار الفلسطيني–الإسرائيلي,كهدف متواضع لتحقيق إنجاز ما للإدارة الأميركية المتخبطة في مشاريعها,وعدم تحقيق حلم(الملهم الإلهي) بوش ومحافظيه الجدد في بناء عالم( ديمقراطي)وفق النظرة الأميركية,ومصطلحاتها خاصة وإن إمكانية تحقيق سلام على مستوى السلام العربي–الإسرائيلي,تكاد تكون شبه مستحيلة,طالما أن الجولان وشبعا لا زالتا محتلتين،وطالما أن عوامل الضمان والأمان المتبادل بين إسرائيل وجيرانها لم يتم الوصول إليه.لذا فإن الإدارة الأميركية بعد إخفاقها في أفغانستان,والذي أرغمها بعد ست سنوات من الغزو,لعرض التفاوض مع طالبان على لسان ممثلها(قرضاي),والذي رفضته طالبان مشترطة رحيل جيوش الاحتلال الأميركي والأوروبي,البالغة خمسون ألف جندي,في كابول ومحيطها. وبعد فشل الأميركيين في العراق في السيطرة على الوضع الأمني والسياسي،لجعله قاعدة انطلاق للاعتداء والسيطرة على دول المنطقة،مما دفعهم للثأر من العراق كيانا وشعبا وقوميات وطوائف،من خلال مشروع تقسيم العراق تنفيسا لحقدهم على البلد الذي غرقوا في رماله،فأرادوا تقطيعه,إربا إربا,حتى الإعدام النهائي.
وفي لبنان الذي أجهضت المقاومة والمعارضة الوطنية حتى الآن,عملية ولادة الشرق الأوسط الجديد عسكريا وسياسيا,فكان أن إنكفأت الإدارة الأميركية إلى ساحة صغيرة تملك رأسيها المتمثلين برئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت،ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، واللذين يبحثان عن قارب إنقاذ للخلاص من الإخفاقات السياسية والعسكرية التي مستقبليهما السياس,فأولمرت,الذي لم يخرج من نفق لجنة(فينوغراد تهدد)بعد حرب لبنان الثانية الفاشلة ،والذي يتخبط سياسيا وخوفا من الوقوع في مخالب المتربصين به وعلى رأسهم(نتنياهو), بالإضافة للرئيس الفلسطيني الذي تقلصت سلطته إلى حدود الضفة الغربية,بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة وبالتالي فإن هؤلاء الضعفاء الثلاثة(بوش -أولمرت-عباس)ويحيط بهم المعتدلون العرب الذين وجدوا أنفسهم خارج دائرة التأثير والفعل السياسي في المنطقة، وأقتصر دورهم على تلبية الدعوات الأميركية المتكررة
للقاءات فارغة المضمون ومعدومة النتائج, فكلما احتاجت أميركا أو أحد مسؤوليها من بوش إلى ديك تشني,أو كونداليزا رايس،لتلميع صورته داخليا,عمد إلى زيارة الشرق الأوسط ودعوة (المعتدلين)مرةالى القاهرة أو شرم الشيخ أو عمان أو الزيارات المكوكية، مع تكرير الكلام
المعسول عن قضية السلام في الشرق الأوسط،دون نتائج ملموسة بسبب عدم جدية الأميركيين في وضع حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية خصوصا،وعدم قبول الإسرائيليين بالتنازل عن أي جغرافيا في لبنان وسوريا وفلسطين،والإصرار على مبادلة(السلام بعدم الاعتداء) وسقوط شعار(الأرض مقابل السلام).لذا فإن مؤتمر السلام المزمع عقده،هو(مؤتمر الضعفاء الثلاثة) الذي يبحثون عن انتصار شكلي،لحاجة كل منهم في بلده,ولمستقبله السياسي عن تحقيق إنجاز سياسي ولو متواضع.وبالتالي فإن هدف المؤتمر إنقاذ الداعين إليه،وليس إنقاذ السلام في المنطقة،لكن الخوف,أن يعمد هؤلاء إلى إحراق بعض القرابين،من دول وأنظمة وشعوب وشخصيات،لتحقيق أحلامهم وأهدافهم،وعسى أن لا يكون لبنان ضحيتهم الأولى في الفتنة وبعدها التوطين،والعراق بالفتنة وبعدها التقسيم,وفلسطين بالفتنة وبعدها إلغاء القضية ...!؟