يراهن البعض على شعارات التغيير التي أطلقها الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما،وكأن الإدارة الأميركية الجديدة ستعتذر عن أخطاء من سبقها،وتكفر عن أفعالها الظالمة وتعمل لترسيخ العدالة التي صادرتها،أو إحياء القتلى الذين ذبحتهم في أرجاء العالم،وكأن أميركا هي (الشخص)وليست (المؤسسة)السياسية والاقتصادية التي تعمل على فكرة حماية المصالح الأميركية،وعلى الشعور بالعظمة والأحادية كإمبراطورية لا يمكن هزيمتها أو تكوين ثنائية أو توازن معها،خصوصا بعد سقوط الإتحاد السوفياتي وزعامتها للعالم قهرا بالقوة والجبروت.
ويسارع بعض الضعفاء والإتكاليين إلى المراهنة على (التغيير)القادم لإعطائهم حقوقهم المسلوبة في فلسطين والعراق وأفغانستان،أو للتعامل معهم برفق لتنفيذ التعليمات أو ضرورة شراء الأسلحة وتكديسها في المخازن الضرورية لإنقاذ الشركات المفلسة في أميركا،أو للسكوت عن قمعهم لشعوبهم ولكن بوادر التعين قد بدأت في التسريبات الأولى بعد فوز أوباما،حيث ظهر أن التغيير نحو الأسوأ (عمانوئيل)الصهيوني عميل الموساد الصهيوني المقاتل على الصدور اللبنانية،مسؤولا عن إدارة البيت الأبيض،وكأن البيت الأبيض صار حقرا للموساد بدل أن يكون رديفا له،كما كان بشأن إدارة بوش السابقة،وإذا كان عمانوئيل يصرح بأنه (يكره نفسه)عندما ينظر إلى المرآة، فكيف يمكن أن يحب الآخرين خاصة المسلمين والعرب،والتغيير عند أوباما الذي أعلن خلال جولاته الانتخابية موقفه السلبي والمهين من الإسلام،ليؤكد براءته من هذا الدين الإرهابي،والذي تبرأ من قس كنيسته نتيجة بعض الصراعات،والذي تربطه صلة الرحم مع ابن عمه الذي اعتنق اليهودية وإذا كان التغيير لم يلامس وزارة الدفاع المسؤولة عن كل المآسي التي افتعلتها الإدارة الأميركية والمسؤولة عن مئات آلاف القتلى في العالم،والتي تشكل الذراع الميداني للقرارات الدموية.
فالظاهر أن التغيير الذي ينشده(أوباما)هو تغيير لوسائل القتل أو لمصطلحات السيطرة ،أو تغييرا في الخطط بعد فشل التجارب(البوشية)وتغييرا في التحالفات باتجاه الوحدة الشاملة مع إسرائيل التي أعلن عنها بوش في آخر أيام في الكنيست الإسرائيلي بأن الشعب الإسرائيلي سيكون تعداده أكثر من ثلاثماية مليون عند أي اعتداء على إسرائيل،متعهدا أن تكون أميركا وشعبها وقوتها في خدمة الاحتلال الإسرائيلي وأولى الخطوات أن يكون عمانوئيل الصهيوني مدير البيت الأبيض.
وبالتالي فإن أوباما المتبرئ من جذوره الإسلامية،نحو اليهودية الصهيونية،ويكون موظفا برتبة رئيس جمهورية عند اللوبي الصهيوني الذي أضطر أن يحكم أميركا مباشر،وليس عبر أدوات من الجمهوريين والديمقراطيين،نتيجة ضيق هامش المناورة أمام الكيان الصهيوني الذي يتعرض لأزمة(وجود)والتي تجاوزت مسألة الدفاع عن (الحدود)وبالتالي فهو بحاجة للإمساك بالقرار المركزي الأميركي حتى لا تدفع إسرائيل ثمن المقايضات السياسية والعسكرية للحفاظ على المصالح الأميركية وفي العالم،وبدل أن تنتظر إسرائيل الضوء الأخضر لضرب إيران وغيرها من الإدارة الأميركية التي لا تستطيع المجازفة بحياة جنودها في العراق ومصالحها النفطية،فإن اليد الصهيونية يمكن أن تمسك بيد(الرئيس الصدفة) أوباما ليوقع على أن ضربة عسكرية أو قرار سلبي ضد من تصنفهم إسرائيل أعدائها،أو المهددين لأمتها.
ويبقى الرهان الحقيقي والرابح على وحدة الأمة وقرارها بالمقاومة والممانعة،فالحق لا تحميه العدالة المعقودة،بل القوة الذاتية للألم،وقد أثبتت الأحداث أن الرصاص المقاوم طريق التغيير،واستعادة الحقوق،وتحرير الأرض وإطلاق الأسرى بينما المفاوضات والقرارات الدولية،لم تجلب لنا سوى الويلات وضياع الحقوق،والتسويات غير العادلة حيث نبيع أرضنا وحقوقنا ومستقبلنا،مقابل وعود غير مضمونة بعدم الاعتداء،ومن يضمن الذئب بين قطيع من الحملان الضعيفة أو المستضعفة إذا كان (أوباما)قد وعد بالتغيير،فلنمارس نحن التغيير الميداني ونعلن أن زمن التنازلات والهوان والتشتت قد ولى،وإننا في زمن المقاومة واستعادة الحقوق،والعيش بكرامة وعزة.