إن منظومة القيم السياسية الأميركية ،ترتكز على تامين المصالح الأميركية دون غيرها،وان مصطلح(الحلفاء)هو تعبير دبلوماسي ملطف للواقع،للأدوات والأتباع،حيث لا وجود لحليف شريك في الأرباح،وإنما أدوات على مستوى الدول والجماعات السياسية، تنفذ بالوكالة ما تريده الإدارة الأميركية،وتدفع الخسائر البشرية والسياسية،وفي قراءة تاريخية للتعامل الأميركي مع حلفائه والأدوات منذ حرب فيتنام، حيث ترك عملاؤه أمام السفارة الأميركية في سايغون لمصيرهم الأسود،يدفعون ثمن خيانتهم لوطنهم وتعاملهم مع الاحتلال الأميركي،إلى شاه إيران الذي كان شرطي الخليج بالوكالة ،والذي فتح أبواب إيران أمام الأميركيين وأعطى الحصانة حتى للكلاب الأميركية في حال اعتدائها على أي مواطن إيراني ،كما هي الحال الآن في العراق مع الشركات الأمنية، ومن ثم رفضت أميركا إعطاؤه اللجوء السياسي أو حتى معالجته في مستشفياتها ...إلى صدام حسين الذي شجعته ودعمته أميركا لشن حربه على إيران، وألزمت العرب بتغطية نفقات حربه،ومن ثم دفعته لاحتلال الكويت،ليكون ذلك مبررا وسببا للتدخل الأميركي في الخليج للسيطرة على النفط ،ولإقامة قواعد عسكرية أميركية تتلاقى مع القاعدة الأميركية المسماة (إسرائيل) للإطباق على العالم العربي والإسلامي بفكي كماشة كتعبير ميداني لذروة حربها ضد الإسلام في العالم، وكانت النتيجة إعدام صدام على أفعاله التي كانت بمباركة أميركية،إلى أفغانستان حيث خاض الشعب الأفغاني حربه ضد الاحتلال السوفياتي،وقبيل انتصاره سارعت أميركا بالتعاون مع المخابرات الباكستانية لتأسيس(حركة طالبان)و(الأفغان العرب)لتصفية المجاهدين واستلام الحكم، وبعدها عمدت إلىتصفية طالبان والانقلاب عليها، حيث استعملت للامساك بالطريدة،ومن ثم أطلقت النار عليها،مع شريكها الرئيس الباكستاني برويز مشرف الذي قدم للأميركيين أكثر ما يستطيع، وأكثر مما قدم أي حاكم عربي أو غربي(حليف)ضد الحركات الإسلامية،ومساعدة الأميركيين في أفغانستان وجوارها،وكان مصيره حتى اللحظة محظوظا بعد نجاته من أكثر من محاولة اغتيال، فهرب في مروحية لا يعرف اتجاهها بعدما امتنع الاميركييون عن إستقباله وتامين الملجأ الآمن له،وفتحت الساحةالباكستانية أمام مصير لا يمكن التنبؤ بايجابياته في خضم الصراع الداخلي،والصراع على السلطة،والمشاكل الأمنية الكبرى في الداخل وعلى الحدود الأفغانية .
هذه مكافأة من تعاملوا مع الأميركيين وظنوا أنهم بمأمن من الأعاصير السياسية،وان أميركا قادرة على حمايتهم من شعوبهم، وها هو المثل الأخير الحي في جورجيا،عندما شجع الاميركييون هذه الدولة الصغيرة المتواضعة الإمكانيات للتحرش بروسيا، ليضيقوا الحصار على(الدب الروسي)النائم منذ عقدين، وهو الذي لم يتحرك بشكل مؤثر بعد استفزازه في كوسوفو،وفي نشر الدرع الصاروخية،وفي قضم جمهورياته السابقة الواحدة تلو الأخرى،وفي التدخل بشؤونه الداخلية،فكانت غلطة(الأغبياء)في جورجيا والمغرورين في (واشنطن وتل أبيب)،التي أثمرت صفعة مثلثة الساحات أميركيا وإسرائيليا وفي جورجيا، وأعطت الروس فرصة تاريخية لإعادة حجز مقعدهم السياسي في العالم،كبداية للانتشار خارج الحدود،ومع كل سفن الدعم ،والتهديدات الكلامية،والمساعدات الإنسانية،فان جورجيا سقطت في فخ فقدان السلطة والسيادة،والتأثير ولعل بولندا ستكون في نفس الطريق نحو التهلكة والخسارة.
هكذا كانت تجربة حلفاء أميركا مع سيدتهم العظمى،وها هي تجربة بعض الأنظمة والجماعات والرؤساء مع المحافظين الجدد هزيمة وفرار وإعدام ومطاردة، ومع ذلك يصر البعض في لبنان وفلسطين وبعض الدول العربية على الاستمرار في تنفيذ المشروع الأميركي، أما قناعة أو رغما عنهم بالتهديد والضغوط،مع أن مصيرهم واضح المعالم، شانهم شان من سبقهم ، أما الفرار في مروحية مجهولة الاتجاه،أو شنقا في ساحة وطنية،أوفي سجون شعوبهم.
وفي اللحظة التي لا تستطيع أميركا حماية جنودها في العراق وأفغانستان،ولا تستطيع حماية وديعتها الأمنية(إسرائيل)مع كل الدعم السياسي والعسكري،فكيف يمكن لها أن تحمي أدواتها، لكن في لحظة الحقيقة-المأساة-سيجد حلفاء أميركا،الأدوات أنفسهم في ساحة المقايضة، فيتحولوا إلى كبش محرقة،أ لفك الحصار عن أميركا، فيباعون بثمن بخس،لا يجدون في وطنهم ملجأ أو ساحة شرف،ولا يجدون في الجنة الأميركية غير جحيم تشتعل ناره بعدم الوفاء الأميركي لهم،أو بعدم القدرة على حمايتهم،أو بالتقريع لهم على تقصيرهم في تنفيذ ما خططته أميركا لهدم أوطانهم وتقسيم شعوبهم وبيع قضاياهم ومقدساتهم.....
يا حلفاء أميركا...الواهمون....هل يمكن أن تستيقظ عقولكم من أوهام السلطة أو القدرة على الانتصار....أميركا البعيدة في الجغرافيا والقيم....ستظل بعيدة مهما قربت أساطيلها، وتوسعت سفاراتها ،فأحضان الوطن واسعة، مهما ضاقت،والغزل الأميركي علقم مهما كان حلوا....